“قال (الأمير الصغير) : إنك ستنظر في الليل إلى النجوم ولا ترى موطني فإن موطني على غاية من الصغر يحول صغره دون الاهتداء إليه، على أن الأفضل لك أن لا تراه فتقول في نفسك: هو نجمة من هذه النجوم. وتنظر إلى النجوم جميعاً وتحبها جميعاً وتغدو النجوم جميعاً صديقات لك. ثم إني مهديك هدية.وضحك فقلتُ: يا عزيزي ما ألذَّ ما أسمع من ضحكك.قال: هو ما أحبُّ أن أهديك. أهديك ضحكي فيكون كالماء.قلت: ما تعني؟قال: للناس نجوم يختلف بعضها عن البعض الآخر، فمن الناس من يسافر فتكون النجوم مرشدات له، ومن الناس من لا يرى في النجوم إلا أضواء ضئيلة، ومنهم من يكون عالماً فتكون النجوم قضايا رياضيّة يحاول حلّها، ومنهم من يكون كصاحبي “البزنسمان” فيحسب النجوم ذهباً. وهذه النجوم على اختلافها تظل صامتة أما أنت فيكون لك نجوم لم تكن لأحد من الناس.قلت: ما تعني؟قال: فإذا نظرت في الليل إلى السماء حيث أكون في إحدى النجوم ضحكتُ أنا فيُخيل إليك أن سائر النجوم تضحك وهكذا يكون لك نجوم تحسن الضحك.وضحك أيضاً ثم قال: وإذا أنت سلوتني (ولا بدَّ لكل امرىء من أن يسلو) وجدت راحة في أنك عرفتني أما أنا فأحفظ لك مودّتي، فإذا اشتهيت أن تضاحكني فتحت نافذتك ونظرت إلى السماء وضحكت فيعجب أصدقاؤك منك ومن ضحكك فتقول لهم: لا عجب فإن مشهد النجوم يثير فيَّ الضحك. ويعتقد أصدقاؤك أنك مجنون. فما رأيك في هذه الورطة التي ورطتك فيها.وضحك أيضاً ثم قال: أنا لا أهبك نجوماً بل مجموعة من الجلاجل الصغيرة قد أتقنت الضحك.”