“إن هذه الأجيال الأولى -وخاصة الجيل الأول الفريد- قد لا تتكرر مرة أخرى في واقع الأرض. ولكنها تبقى مع ذلك رصيدا واقعيا لهذه الأمة في جميع أجيالها، يحفزها على محاولة العودة إلى التطبيق المثالي للإسلام. وهذه المحاولة ذاتها عمل إيجابي مثمر، ولو لم يصل إلى كل النتيجة المطلوبة.تصور إنسانا عند سفح الجبل، يعلم يقينا أن هناك من صعد هذا الجبل إلى قمته، فهو يحاول أن يصعد مثله، وقد يصل إلى منتصفه وقد يصل إلى ربعه، وقد يفلس جهده بعد أن يرقى بضع درجات..وتصور إنسانا آخر واقفا عند السفح يتطلع إلى القمة وهو يقول في نفسه: إن هذا مستحيل! مستحيل أن يفكر إنسان في صعود هذا الجبل الشاهق، فلنكف عن التطلع، ولنرض بالبقاء في السفح!أيهما انفع للبشرية؟ وأيهما أفضل في ذات نفسه؟إنه دور ضخم في عالم الواقع..ولهذا نحتفي حفاوة بالغة بذلك الجيل الفريد، وبتلك القرون المفضلة، لأنها المدد الحي الذي يدفع الأجيال كلها إلى محاولة الصعود، بدلا من أن تنتكس إلى الأسفل، وتخلد إلى الأرض عند السفح!”

محمد قطب

Explore This Quote Further

Quote by محمد قطب: “إن هذه الأجيال الأولى -وخاصة الجيل الأول الفريد-… - Image 1

Similar quotes

“يجب أن يمنح الواحد هذه الدعوة .. يمنح هذا الدين كل الوقت ليحقق المثل الأعلى الذي بينه القرآن ونحن في هذا الطريق لنا مثل أعلى , وفينا من هو مثل أعلى , وفينا من يصلح وفينا من لا يطيق , ولكن كلنا يريد الوصول لله سبحانه وتعالى , وكلنا يريد الصعود إلى جبل .. فمنا من يصل إلى القمة , ومنا من يصل إلى منتصف الجبل , ومنا من يظل في السفح , ومنا من يبدأ , لكننا جميعا لنا وجهة واحدة هي وجهة الله (أَلا للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)”


“ثواب الله خير من هذه الزينة , وما عند الله خير مما عند قارون . والشعور على هذا النحو درجة رفيعة لا يلقاها إلى الصابرون . . الصابرون على معايير الناس ومقاييسهم . الصابرون على فتنة الحياة وإغرائها . الصابرون على الحرمان مما يتشهاه الكثيرون . وعندما يعلم الله منهم الصبر كذلك يرفعهم إلى تلك الدرجة . درجة الاستعلاء على كل ما في الأرض , والتطلع إلى ثواب الله في رضى وثقة واطمئنان”


“إننا لا نبغي بالتماس حقائق التصور الإسلامي، مجرد المعرفة الثقافية. لا نبغي إنشاء فصل في المكتبة الإسلامية، يضاف إلى ما عرف من قبل باسم "الفلسفة الإسلامية". كلا! إننا لا نهدف إلى مجرد "المعرفة" الباردة، التي تتعامل مع الأذهان، وتحسب في رصيد "الثقافة"! إن هذا الهدف في اعتبارنا لا يستحق عناء الجهد فيه! إنه هدف تافه رخيص! إنما نحن نبتغي "الحركة" من وراء "المعرفة". نبتغي أن تستحيل هذه المعرفة قوة دافعة، لتحقيق مدلولها في عالم الواقع.نبتغي استجاشة ضمير "الإنسان" لتحقيق غاية وجوده الإنساني، كما يرسمها هذا التصور الرباني. نبتغي أن ترجع البشرية إلى ربها، وإلى منهجه الذي أراده لها، وإلى الحياة الكريمة الرفيعة التي تتفق مع الكرامة التي كتبها الله للإنسان، والتي تحققت في فترة من فترات التاريخ، على ضوء هذا التصور، عندما استحال واقعاً في الأرض، يتمثل في أمة، تقود البشرية إلى الخير والصلاح والنماء.”


“عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة نحس أنه لا يعيبنا أن نطلب مساعدة الآخرين لنا، حتى أولئك الذين هم أقل منا مقدرة ولا يغض من قيمتنا أن تكون معونة الآخرين لنا قد ساعدتنا على الوصول إلى ما نحن فيه. إننا نحاول أن نصنع كل شىء بأنفسنا، ونستنكف أن نطلب عون الآخرين لنا، أو أن نضم جهدهم إلى جهودنا..؟ نستشعر الغضاضة في أن يعرف الناس أنه كان لذلك العون أثر في صعودنا إلى القمة. إننا نصنع هذا كله حين لا تكون ثقتنا بأنفسنا كبيرة أي عندما نكون بالفعل ضعفاء في ناحية من النواحى.. أما حين نكون أقوياء حقأ فلن نستشعر من هذا كله شيئأ.. إن الطفل هو الذي يحاول أن يبعد يدك التى تسنده وهو يتكفأ في المسير عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة، سنستقبل عون الآخرين لنا بروح الشكر والفرح.. الشكر لما يقدم لنا من عون.. والفرح بأن هناك من يؤمن بما نؤمن به نحن.. فيشاركنا الجهد والتبعة.. إن الفرح بالتجاوب الشعوري هو الفرح المقدس الطليق”


“إن تاريخ أمتنا لم يكن ظلاماً كله.. وإن التناقض بين "التطبيق" في هذا التاريخ، وبين "الفكر" لم يكن كاملاً ولا حادّاً ولا دائماً.. إن البعض منا قد قسا ويقسو، وبالغ ويبالغ في تصوير مظالم ذلك التاريخ؛ لينفِّر من الظلم والاستبداد، وليزكي الدعوة إلى استلهام فكرنا الغني، ونحن نجاهد للنهوض بالواقع الذي نعيش فيه.. وهذا مقبول ومفهوم.. لكن الكثيرين من أعداء هذه الأمة، ومعهم نفر من المنتسبين إليها، يسلكون هذا السبيل ليصلوا بواسطته إلى غرض خبيث.. فهم يصورون تاريخنا ظلماً وظلاماً، كي ينزعوا سلاح الأمة المتمثل في هذا التاريخ، وهي تواجه ما يفرضونه عليها من تحديات.. وهم يوحون إلى الناظر في تراثنا الفكري أن ما بهذا التراث من حديث عن "السماحة" و"حقوق الإنسان"، هو "فكر نظري" لم يوضع يوماً ما في "الممارسة والتطبيق"، مستهدفين من وراء ذلك - أيضاً - نزع سلاح الأمة المتمثل في هذا "التراث الفكري"، كي لا يسعى الجيل الحاضر إلى استلهام أصول حضارته وسمات قوميته والجوهري من معتقداته، وما هو متقدم وفاعل من القيم التي ورثناها عن الأسلاف..فظلم الماضي، والقسوة في تقييم تطبيقات السلف سلاح ماض ذو حدين،قد يدفع الأمة إلى عكس ما تريد، وضد ما هو مفيد..”


“ولا بد لصاحب العقيدة أن يتعامل مع هذا الوجود الكبير؛ ولا يحصر نفسه ونظره وتصوره واهتمامه ومشاعره في عالم الأرض الضيق الصغير.. لا بد له من هذا ليؤدي دوره اللائق بصاحب العقيدة. هذا الدور الشاق الذي يصطدم بحقارات الناس وأطماعهم، كما يصطدم بضلال القلوب والتواء النفوس. ويعاني من مقاومة الباطل وتشبثه بموضعه من الأرض ما لا يصبر عليه إلا من يتعامل مع وجود أكبر من هذه الحياة، وأوسع من هذه الأرض، وأبقى من ذلك الفناء.. إن مقاييس هذه الأرض وموازينها لا تمثل الحقيقة التي ينبغي أن تستقر في ضمير صاحب العقيدة. وما تبلغ من تمثيل تلك الحقيقة إلا بقدر ما يبلغ حجم الأرض بالقياس إلى حجم الكون؛ وما يبلغ عمر الأرض بالقياس إلى الأزل والأبد. والفارق هائل هائل لا تبلغ مقاييس الأرض كلها أن تحدده ولا حتى أن تشير إليه ! ومن ثم يبقى صاحب العقيدة في أفق الحقيقة الكبيرة مستعليا على واقع الأرض الصغير. مهما تضخم هذا الواقع وامتد واستطال. يبقى يتعامل مع تلك الحقيقة الكبيرة الطليقة من قيود هذا الواقع الصغير. ويتعامل مع الوجود الكبير الذي يتمثله في الأزل والأبد. وفي ملك الآخرة الواسع العريض. وفي القيم الإيمانية الثابتة التي لا تهتز لخلل يقع في موازين الحياة الدنيا الصغيرة الخادعة.. وتلك وظيفة الإيمان في حياة أصحاب العقائد المختارين لتعديل قيم الحياة وموازينها، لا للتعامل بها والخضوع لمقتضياتها...”