“ورقد أخيراً على الفراش ، مسلما جسمه الهائل إلى قبضة المرض الجبار ، وقد تمرت أعضاؤه جميعاً على إرادته وبات عاجزا عن تحريكها إلا عينيه يقلبهما ذاهلاً فى سقف الحجرة ذى العمد الخشبية العتيقة يبرز من شقوقها ذيل البرص أو رأسه ويغشى ما بينها نسيج العنكبوت.إن تلك الحياة العامرة بألوان اللذات والسرور والأفراح قد اُختتمت بهذا الرقاد الأليم. وإن النور والغبطة والرفقاء قد تفانوا فى هذه اللحظة الموحشة. وانتهى كل شئ كما ينتهى الحلم الحلو وانتهى فى لحظة قصيرة كأنه لم يدم سنين وسنين ، وجاءت الساعة الرهيبة التى يتساءل فيها الإنسان فى حسرة مريرة .. أحقاً كان هذا الجسم سليماً ؟.. أحقاً كان هذا القلب حياً ؟.. أحقاً كانت هذه الدنيا حلوة سعيدة لذيذة الطعم ؟.. أحقاً ذهب كل هذا إلى غير رجعة ؟”

نجيب محفوظ

Explore This Quote Further

Quote by نجيب محفوظ: “ورقد أخيراً على الفراش ، مسلما جسمه الهائل إلى قب… - Image 1

Similar quotes

“النشال يملك ما فى جيوب الناس جميعا ، وقد عرف سادة هذا البلد مغزى هذه الحكمة”


“وتحولت عيناى على غير إرادة منى إلى مدخل الحجرة. كان الباب مغلقا بيد أن الرسول دخل. دخل دون حاجة إلى فتح الباب. فعرفته دون سابق معرفة فهو رسول الفناء دون سواه. واقترب منى فى خطى غير مسموعة. كان مهيبا صامتا مبتسماذا جمال لا يقاوم سحره فلم تتحول عنه عيناى ، ولم أعد أرى من شئ سواه. وأردت أن أضرع إليه ولكن لم يطاوعنى اللسان. وكأنى به قد أدرك نيتى الخفية. فازدادت ابتسامته اتساعاً. فآنست منه رفقاً ولم أعد أبالى شيئاً. انجابت عنى وساوس الليل وأحزانه وحسراته. وغفلت عن دموع من حولى ، ووجدت نفسى فى حال من الاستهانة والطمأنينة لم أعهدها من قبل. سلمت فى محبة لا نهائية وتركت جسمى فى المعركة وحيداً ! رأيت -دون مبالاة البتة- دمى يقاوم فى عروقى. وقلبى يدق ما وسعه الجهد ، وعضلاتى تنقبض وتنبسط وأنفاسى تتردد من الأعماق ، وصدرى يعلو وينخفض. وشعرت بالأيدى الحنون تسند ظهرى وتحيط بى. رأيت ظاهرى وباطنى رؤية العين بغير مبالاة ولا اكتراث. وقد تحول الرسول عنى إلى جسمى وأخذ فى مباشرة مهمته فى ثقة وطمأنينة والابتسامة لا تفارق شفتيه الجميلتين. وشاهدت نسمة الحياة المقدسة تذعن لمشيئته فتفارق القدمين والساقين والفخذين والبطن والصدر ، والدم من ورائها يجمد والأعضاء تهمد والقلب يسكت ، حتى غادرت الفم المفغور فى زفرة عميقة. سكن جسمى وصمت إلى الأبد وذهب الرسول كما جاء دون أن يشعر به أحد. وغمرنى شعور عجيب بأنى فارقت الحياة. وأنى لم أعد من أهل الدنيا.”


“بهتنا أول الأمر. إنه اليقين. ياللذهول! انتهى الرجل؟.. من كان يتصور؟ لماذا نؤمن أحيانا بأنه يوجد مستحيل. لماذا نتصور أنه لا توجد حقيقة فى هذه الدنيا سوى الموت؟ الموت هو. الموت هو الدكتاتور الحقيقى. و يجئ البيان الرسمى كالجملة الختامية. ترى ماذا يقول الناس؟ أريد أن أسمع ما يقال حولنا فى المقهى. و تحركت مرهف السمع. لاحول و لا قوة إلا بالله. هو وحده الدائم. البلد يواجه خطرا لا يستهان به. لا يستحق هذه النهاية مهما قيل عن أخطائه.. فى يوم نصره؟ مؤامرة.. توجد مؤامرة محكمة و لاشك. فى داهية.. الموت أنقذه من الجنون. على أى حال كان يجب أن يذهب. هذا جزاء من يتصور أن البلد جثة هامدة. بل هى مؤامرة خارجية. لا يستحق هذه النهاية. إنها نهاية محتومة. كان لعنة. من قتل يقتل و لو بعد حين. فى لحظة انهارت إمبراطورية. إمبراطورية اللصوص فيم تفكر العصابة الآن.”


“أبشع شئ فى هذه الدنيا جفاء صديق بغير ذنب.”


“كيف أن تغيراً هيناً فى الجسم قد يذهب بهجة الدنيا فى غمضة عين، ويُحيل لذاتها وصفاءها ألماً وكدراً يزهقان النفس.”


“من عجيب الأمور أننا قد نحيا حياة سعيدة نخالها طويلة فى حلم قصير الأجل ، وما تعتم أن تطرق اليقظة مغلق الأجفان فينتقل النائم من عالم الأحلام المخدرة إلى دنيا حقائق شديدة الجفاء ، وما يجده قابضاً إلا على الهواء.”