“طَفْوُ الأجساد:في آخر الأيام من عمر السما المنكّسهْرأيت صفحة الدما المدنّسهْيطفو عليها إبن آدمٍ إلى شطوط غربهِمنتفخًا بالطحلب النامي عليه كالرغيفْمغتربًا مثل الخريفْوشاحبًا كغيبهِمزدوجًا فوق السطوح العاكسهْعن موته تروي الطبيعةُ الأساطيرَ التي صدقتُها،رويتهاعساه أن يخلع ثوبه الملوّن الشفيفْيخلع عينه، ولحمه، وضرسهُ،وعظمه المكدّس السخيفْلكي يسير فوق ماء النهر حيًّا في الليالي القارسهْفلا تصيبه ارتعاشة الجسم الكثيفْلكنه أبىٰ، اكتفىٰ باليابسهْوالآن بعد أن تهاوَىٰصار يطفو كالرغاوَىٰفي النزيفْلعْناتيَ المقدسهْتحط فوقه إذا اكتفىٰطفااختفىٰفي الأفق يرسو جسمهُإلى مصيره المخيفْ.!”
“رقصةُ شِبْهِ السكون:للأرض وجهٌ قد خلامن كل إنسٍ كان يفسدُ،كان يعبدُفي الفؤاد النارَ،يُهلك حين يعبر عمرَه الحرثَ الحزينْللأرض وجهٌ كان يبصر كل إنسٍ قد مشىٰ يومًا عليه مظللاوالآن يرقد في لفائفَ من غضونْالآن جِذرٌ صار يضرب في الجلود وتحتها،والغصن يفرد عوده، ويراقص الأغصان رقصته التي التفّت بها الأشجارُ في شبه السكونْفي الأفق لعناتي وطاويطٌ ترفّ على المقابرِ،والمجازرِحين ألعنها وتلعنني إلى أبدٍ مضى متواصلالعْناتيَ السوداء حين وُلدتُ،مِتُّ،بُعثتُ من بين الغصونْ.!”
“الموسمحاولتُ كثيرًا لكن جلدها كان يتقشر عني في كل مرة. كانت تلفظني وتطرحني مثل الثمرة، فشعرت نحوها شعوري نحو الشجرة.كلما مرّ جوارنا رجل أو امرأة جمعني في جيبه أو جمعتني في حجرها.الفلاحون يحسبونني نبتًا مستوردًا، والمهندسون الزراعيون يحسبونني مُخَلَّقًا وراثيًا.تشبثت بحضنها لكن فروعها كانت تهتز كثيرًا.سقطت على الأرض قبل أن أنضج، أخضر، ليس لي جذور، لست مُتَدَرِّنًا كغيري ممن لهم تجارب عاطفية، وليس بي بذور لأُبعث من الأرض بعد أن أموت وأتحلل وأُدفَن في التربة.”
“نساءُ الأراضي شربن المياهَ المُسالَهْحلبنَ الغمامْوبعدَ الفطامْربا في ثرىٰ الصوبة الرحميّةِ جذعُ السلالَهْ* * *نساءُ البحار دلقنَ نخاعَ العظامْوأرسلنَ بحرًا ليمسحن في الكون حجرةَ نومٍ وصالَهْلتلعَبَ كلُّ الأجنّةِ في الماء حتى جفون الظلامْوحين يعودون للنوم تطفو العظامُ بأجسامهمْكحطام السفين إذا ما طفاوتعاشَقَ في هيكلٍورسا مُنهِيًا في الوجود ارتحالَهْ.!* * *نساءُ الصحارىٰ يفتّقن فوق الصدور الثيابْويعصرن واحتهنَّ الظليلةَ فوق حريق الترابْفأطفأْن شمسًا تجرّعتِ العِرْقَ حتى الثمالَهْوجمّعنَ حول المنابعِ كلَّ الصغارِ،يُشقِّقْنَ مجرَىٰ الحياةِ بجوف الرقابْويروينَ لحمًا يُنبّتُ أعضاءهُ،ثم يرقص حين يقيم بنشوته في الخلايا احتفالَهْ* * *نساءُ السماء دلقن جِرارَ السحابْرقصن على الوحلِ،غنَّيْنَ: "يا مطرًا لا يَرُخّْرُخِّ فوق المسامِ، أفضْ كلَّ شرخْسيَحبَل بالكائنات بدون حسابْسيَحبَل كلُّ الوجود بما سيفوق احتمالَهْوترسم كلُّ الشموس مشاهد (إكسِX) الجنينِ لتشهدنا خلقَهُ،واكتمالَهْسنرضعه، سوف نحلب حتى السرابْوحتى عروقَ الرجال التي قلعتْ كلَّ جذعٍ،وعَظمٍ،وقاتلنَ في الكون نِسْوَتَهُ،ورجالَهْوسوف يصير إلهٰـًا ويقفز من كل آلَهْونحن نعود عذارَىٰ،فينطق في المهد عَنّا،ويذكُرنا في الكتابْ .!"* * *كان يبصرهن يراقصن بعضًاويرمقنهُدون أي اهتمامْفأثرنَ انفعالهْ "أيُّ خلقٍ جديدٍ أرىٰ..؟ما رأيتُ مِثالَهْهل سيعرفن أنيَ ما زلتُ طفلاً،ويأخذن كفي إذا اشتدَّ عُودُ الزحامْ؟"سألَ الفتياتِ،سمعنَ سؤالَهْثم عُدنَ،أعاد الكلامْوأعاد الكلامْوأعاد الكلامْ... ... ... ..!”
“في الفجر عادت نار روحي تشتعلْبين الضلوعْوتسلقتْ فوق الفروعْففتحتُ عيني كي أراني في ابتساريكالجنين مُكسّرَ الأعضاء أنهض في انكساري،ثم أترك راحتي في كف أمي..تكتملْ.!”
“الكون أبيض مثل بطن سحابةٍسارت إلى طرف السماءِ،تحدّرت في منحناها مثل قطرات الندى،سقطت على كفي ببطءٍ،واستدارت لي ببطئيالرمل أبيض حين ترسو فوقه سفن الشطوطْوالموت أبيض في أساطير السقوطْوأنا سواد محابر الأقدار أسكب كل شيئيداخلي سفر التكوّن قد تهاوىٰ،في المهاوَىٰقد تساوَىٰكل بدئيمرَّ خيطٌ ثم خيطٌ في يدي ليغوص في مقل العيون لكي ترىٰ الكونَ المَخيطْفإذا تشابكت الخطوط وأظلمتْ، يجتاحني ضوء الحنين لكل ضوئيكي أمر بثورتي بين التشابك تاركًا أشلاء جسمي في السماءِ معلقاتٍفي الخيوطْ.!”
“أتعهّد أنْ أتجسّدَ للمتقلّب في الظلمات كظلٍّ يفارقه مثلَ روحٍ، كروحٍ تفارقه لو يموتُ، كموتٍ يفارقه لو هوَىٰ في جحيمي، كمِثليَ حين أفارقه في العذابِ، كجسمٍ وثوبٍ يفارقه في احتراقاته وانعكاساته في عيون الملائكة العاكسَهْ.أتعهّد ألا أفارقه في الحياةِ، وأن أتخشّبَ لو سال طوفان نوحٍ، وأن أتمعطفَ في البردِ، أن أتثلّج في الحرِّ، أن أترقرقَ في اليابسَهْ.أتعهد أن ينمحي في القيامة ما سيُشار إليه بسهمٍ إذا بشِمالٍ أتَىٰ أَطْلَسَهْ.أتعهد أن ألمسَهْ.”