“لاتكفئ السفيه على سفه بمثله، فإنك أن فعلت قضيت له على نفسك، وأصبحت شريكه في الخلة التي تزعم أنك تنقمها منه، فإذا لابد منتقما فليكن مثلك الأحنف بن قيس إذا جاءه رجل قد جعل له بعض الناس جعلا على أن يغضبه، فما زال يسبه ويشتمه ويلح في ذلك إلحاحا محرجا والأحنف ساكت لايقول شيئا حتى ضاق بالرجل أمره فانقلب إلى قومه باكيا نادبا يأكل إصبعه أكلا ويقول: والله ماسكت عني إلا لهواني عليه.”
“فارجعوا هو أزكى لكم..و نبه في أدب الاستئذان إلى تقديم المهم على الطارئ، فأمر المستأذن أن يرجع إذا لم يؤذن له بعد ثلاث، ذلك أن المطروق عليه قد يكون في شغل هو أهم من هذا الطارئ الذي طرأ عليه، قال تعالى (و إن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم). و هذا واضح في تقديم المهم على الطارئ و قول: (لا) للطارق الطارئ إذا كان الإنسان مشتغلاً بالمهم، و وجوب قبول ذلك منه.”
“مهما كنت تعتقد أنك مشغولا بد أن تجد وفتا للقراءة و إلا سلم نفسك للجهل الذي قضيت به على نفسك”
“ولكن وقع اليقظة على بعض النفوس يجيء أحيانا كوقع المفاجأة وليس أشق على نفس الذي ألف الاستعباد من أن توهب له الحرية فجأة أو تلقى على كتفيه لأول مرة مسئولية تدبير أموره، ويقال له أنت سيد نفسك، دافع عن حقك، وقم بواجبك، إنه كان يطالب بهذه الحقوق، يؤمن أن كل بلائه راجع لحرمانه منها، ويقول أنها لو ردت إليه لتغير حاله في غمضة طرف، من الظلام إلى النور، فإذا واجه النور حين يعم غشيت عيناه.”
“والعاقل من الناس لا يمكن أن يصرح بأنه يتبع الهوى،إلا من سفه نفسه، بل لا بد له من التنظير حتى لاتباعه هواه، وتقعيده لموقفه لا بناء على نفس الهوى”
“الكمال امر اعتباري فما هو كامل اليوم قد يصبح ناقصا غدا وماهو كامل في نظرك قد يعد ناقصا في نظر غيرك والذي يتحرى الكمال فيما يعمل يكثر تردده فيه ،فهو لا يكاد يقر على رأي حتى يتراءى له راي اخر ولا يستحسن شيئا حتى يبدو له وجه جديد من ذلك الشي فيصرفه عنه .”