“إن الشعب الذي لا يجد أعمالًا كبيرة يتمجد بها، هو الذي تُخترع له الألفاظ الكبيرة ليتلهى بها؛ وأنه متى ضعف إدراك الأمة لم يكن التفاوت بين الرجال بفضائل الرجولة ومعانيها، بل بموضع الرجولة من تلك الألفاظ؛ فإن قيل "باشا" فهذه الكلمة هي الاختراع الاجتماعي العظيم في أمم الألفاظ؛ ومعناها العلمي: قوة ألف فدان أو أكثر أو أقل؛ ويقابلها مثلًا في أمم الأعمال الكبيرة لفظ "الآلة البخارية" ومعناها العلمي قوة كذا وكذا حصانًا أو أقل أو أكثر”
“إذا لم يكن الإيمان بالله اطمئنانا في النفس على زلازلها وكوارثها لم يكن إيمانا، بل هو دعوى بالفكر أو اللسان لا يعدوهما، كدعوى الجبان أنه بطل، حتى إذا فجأه الرَّوْعُ أحدث في ثيابه من الخوفومن ثَمَّ كان قتل المؤمن نفسه لبلاء أو مرض أو غيرهما كفراً بالله وتكذيبا لإيمانه، وكان عمله هذا صورة أخرى من طيش الجبان الذي أحدث في ثيابه!”
“فلما صاحوا : " الله أكبر ...! " ...فقال :إن هذه كلمة يدخلون بها صلاتهم، كأنما يخاطبون بها الزمن أنهم الساعة في وقت ليس منه ولا من دنياهم، وكأنهم يعلنون أنهم بين يدي من هو أكبر من الوجود، فإذا أعلنوا انصرافهم عن الوقت وشهوات الوقت، فذلك هو دخولهم في الصلاة؛ كأنهم يمحون الدنيا من النفس ساعة أو بعض ساعة؛ ومحوها من أنفسهم هو ارتفاعهم بأنفسهم عليها ...”
“وإنما قيمة الأشياء بما فيها من أثر القلب أو بما لها من في القلب من أثر ولرب شيء تافه لا خطر له ولا غناء فيه ثم يكون في يد ك محب من حبيبه النائي أو الممتنع الهاجر فإذا هو قد تحول بموقعه من القلب إلى غير حقيقته فأطلعه الهوى من مطلع آخر ليس في الطبيعة فيرتفع ثم يرتفع حتى كأنه عند صاحبه ليس شيئا في الدنيا بل الدنيا شيء فيه ويكون ماهو كائن وينبعث منه روح ذات جلال أقل ما فيه أنه فوق الجلال الإنساني”
“أن الإنسان لا يعيش فردا ولكنه حين يموت يموت فردا ، فإذا رأيت فقيرا منبوذا من الاجتماع منفردا عنه لا يساهمه في عمله أو عيشه ، بل كأنه يعيش في بقعة مجهولة من الحياة فاعلم أن إهمال ذلك الفقير هو نوع من القتل الاجتماعي”
“وانظر الآن يا حبيبتي صور نظراتك في قلبي.. فإن لها بعثات من ورائها بعثات.. وفيها المعاني من تحتها المعاني.. فهذه نظرات تمتد تأمر.. تشعرني قوة سطوتها كأنها تقول: أريد.. أريد.. ثم لا يرضيها الرضا فكأنها تقول: أريد منك أكثر مما أريد....!”
“ما هي العاطفة المهتاجة في نفس الإنسان اهتياجا لا يريه الحياة أبدا إلا أكبر أو أصغر مما هي ؟؟ما هو المعنى الساحر الذي يأتي من القلب والفكر معا ثم لا يأتي إلا ليحدث شيئا من الخلق في هذه الطبيعة ؟؟ما هو ذلك الأثر الإلهي الكامن في بعض النفوس مستكنا يتوثب بها ويحاول دائما ان يعلو إلى السماء لأنه غريب في الأرض ؟؟وما هو الشعر ؟؟هذه الأسئلة الأربعة يختلف بعضها عن بعض وينزع كل منها إلى منزعولا جواب عليها بالتعيين والتحديد في عالم الحس ،لأن مردها إلى النفسوالنفس تعرف ولا تنطق،وشعورها إدراك مخبوء فيها وهي نفسها مخبوءة عنا ...”