“إن "الشخصية الإنسانية" "وحدة". وحدة في طبيعتها وكينونتها. وحدة تؤدي كل وظائفها كوحدة. وهي لا تستقيم في حركتها ولا تتناسق خطواتها إلا حين يحكمها منهج واحد منبثق في أصله من تصور واحد.”
“جاء الإسلام ليقرر وحدة الجنس البشري في المنشأ والمصير، في المحيا والممات، في الحقوق والواجبات، أمام القانون وأمام الله، في الدنيا وفي الآخرة، لا فضل إلا للعمل الصالح، ولا كرامة إلا للأتقى .لقد كانت وثبة بالإنسانية لم يعرف التاريخ لها نظيرً؛ ولا تزال إلى هذه اللحظة قمة لم يرتفع إليها البشر أبداً”
“فكرة الإسلام عن وحدة البشرية، ونفيه لعصبية الجنس واللون والوطن، واعتقاده في وحدة الدين في الرسالات كافة، واستعداده للتعاون مع شتى الملل والنحل في غير عزلة ولا بغضاء، وحصره لأسباب الخصومة والحرب في الدفاع عن حرية الدعوة وحرية العقيدة وحرية العبادة، وفي دفع الظلم عن المظلومين وإزالة الفساد من الأرض، ونفيه للأسباب الاقتصادية والمذهبية للحروب وضمان العدالة الاجتماعية المطلقة للجميع، كل هذه الخصائص هي التي تهيىء للنظام الإسلامي أن يكون نظاما عالميا.”
“(و الذين يؤمنون بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك)..و هي الصفة اللائقة بالأمة المسلمة، وارثة العقائد السماوية، و وارثة النبوات منذ فجر البشرية، و الحفيظة على تراث العقيدة و تراث النبوة، و حادية موكب الإيمان في الأرض إلى آخر الزمان. و قيمة هذه الصفة هي الشعور بوحدة البشرية، و وحدة دينها، و وحدة رسلها، و وحدة معبودها.. قيمتها هي تنقية الروح من التعصب الذميم ضد الديانات و المؤمنين بالديانات ما داموا على الطريق الصحيح.. قيمتها هي الاطمئنان إلى رعاية الله للبشرية على تطاول أجيالها و أحقابها. هذه الرعاية البادية في توالي الرسل و الرسالات بدين واحد و هدى واحد. قيمتها هي الاعتزاز بالهدى الذي تتقلب الأيام و الأزمان، و هو ثابت مطرد، كالنجم الهادي في دياجير الظلام.”
“وما يملك أحد يدرك مفهوم كلمة ((دين)) أن يتصور مكان وجود دين إلهي ينعزل في وجدان الناس ,أو يتمثل فحسب في شعائرهم التعبّدية ,أو ((أحوالهم الشخصية)) ,ولا يشمل نشاط حياتهم كله. ولا يهيمن على واقع حياتهم كله, ولا يقود خطى حياتهم في كل اتجاه, ولا يوجه تصوراتهم وأفكارهم ومشاعرهم وأخلاقهم ونشاطهم وارتباطهم في كل اتجاه..لا ..وليس عنالك دين من عند الله هو منهج للآخرة وحدها , ليتولى دين آخر من عند غير الله وضع منهج للحياة الدنيا .”
“كذلك تتجلى سنة الله في إرسال الرسل من البشر. و وحدة العقيدة و الطريق، لجماعة الرسل على مدار الزمان؛ حتى لكأنهم أمة واحدة على تباعد الزمان و المكان.و تلك إحدى دلائل وحدانية الألوهية المبدعة، و وحدانية الإرادة المدبرة, و وحدانية الناموس الذي يربط سنن الله في الكون، و يؤلف بينها، و يوجهها جميعاً وجهة واحدة إلى معبود واحد.”
“نزول الكتب على الرسل ليس بدعة مستغربة فهاهما ذان موسى و هارون آتاهما الله كتاباً.و يسمى هذا الكتاب (الفرقان) و هي صفة القرآن. فهناك وحدة حتى في الاسم. ذلك أن الكتب المنزلة كلها فرقان بين الحق و الباطل، و بين الهدى و الضلال، و بين منهج في الحياة و منهج، و اتجاه في الجياة و اتجاه. فهي في عمومها فرقان. و في هذه الصفة تلتقي التوراة و القرآن.”