“ثمة قاعدتان أساسيتان يحسن الإشارة إليهما في منهج تحليل الخطاب، ولذلك لأهميتهما في تحديد طبيعة " الإجراءات " التحليلية المستخدمة في هذا الكتاب .القاعدة الأولى أن الخطابات المنتجة في سياق ثقافي حضاري تاريخي ليست خطابات " مغلقة " أو مستقلة عن بعضها البعض . إن آليات " الاستبعاد" و " الإقصاء " التي يمارسها خطاب ما ضد خطاب آخر تعني " حضور " هذا الخطاب الآخر - بدرجات بنيوية متفاوتة - في بنية الخطاب الأول .هذا مع افتراض غيابه التام العمومى على مستوى " المنطوق " و " المفهوم "، لأنه هذا الغياب ليس إلّا عملية " تغييب " لتحقيق " الإقصاء ". فإذا أضفنا إلى ذلك أن تلك الخطابات تشترك إلى حد كبير في " الإشكاليات "، التي تحدد منطوقها و مفهومها و بنيتها، أدركنا أن الحديث عن خطاب مستقل ليس إلّا نوعاً من التبسيط الذي يفضى إلى تزييف الخطاب موضوع الدراسة”
“هل نحتاج هنا إلى تأكيد حقيقة أن الفعالية الفكرية نوع من ممارسة السياسة ,ولكن بآليات الفكر ,وأن الفعالية السياسية نوع من ممارسة الفكر لكن بآليات السياسة ...ومع ذلك يظل هناك اختلاف نوعي من حيث الآليات, إذ تنشغل السياسة رغم أساسها الفكري باليومي والمتغير والمباشر في خضم أنشغالها باتخاذ القرارات,في حين ينشغل الفكر رغم دلالاته السياسيه بالجوهري والثابت والحقيقي الذي يقترب من حدود العلم”
“المساجد ملأى والفساد يعم المجتمع! الحج يحضره ملايين، بينما الفقر تعانيه المجتمعات!”
“لا بد من التمييز والفصل بين "الدين" والفكر الديني، فالدين هو مجموعة النصوص المقدسة الثابتة تاريخيا، في حين أن الفكر الديني هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتأويلها واستخراج دلالتها. ومن الطبيعي أن تختلف الاجتهادات من عصر إلى عصر، بل ومن الطبيعي أيضا أن تختلف من بيئة إلى بيئة-واقع اجتماعي تاريخي جغرافي عرقي محدد- إلى بيئة في اطار بعينه، وأن تتعدد الاجتهادات بالقدر نفسه من مفكر إلى مفكر داخل البيئة المعينة.”
“قد يرفض علماء الدين أحياناً التكلّم في السياسة .. مثل رأيهم في معاهدة كامب ديفيد .. ويبدو أن الدين والسياسة - في نظرهم - لا ينفصلان إلا عندما يكون السؤال محرجاً ..وقد يبدو الإمتناع عن الخوض في السياسة نوعاً من الحرص على المنصب والجاه ، ولكنه يمثّل - علاوة على ذلك - تأييداً باطنياً عميقاً ..”
“ربما لا تصل الرسالة إلى الإسلاميين، لكن من المهم أن تصل إلى العلمانيين الذين يخضعون للابتزاز الديني في أغلب الأحوال، فيتحاشون استخدام مصطلح العلمانية تقية وخشية الاتهام بالكفر والإلحاد. لكنهم بهذه التقية يؤكدون بالصمت التزييف الذي كشفناه، هذا إلى جانب أن تركيزهم على مسألة "المجتمع المدني" دون ذكر للعلمانية يؤدى إلى تزييف مفهوم "المجتمع المدني" ذاته، لأنه لا يمكن أن ينهض إلا على أساس علماني. والأهم من ذلك كله أن تصل الرسالة إلى الجمهور الصامت الحائر بين "الإسلام" و "العلمانية" والمتردد بالصمت الذي يفضي صمته إلى استمرار الحال على ماهو عليه.”