“ومن مظاهر هذه الأزمة أن الكلام الدائم عن التقدم والتحرر والتمدن والتنمية قد اختفى ليحل محله وصف لا ينتهي للتخلف وآلياته، وللسقوط والإخفق وتبعاته. فقط اصبح من البديهي اليوم الحديث في الاوساط المثقفة والعامة عن اجهاض مشروع النهضة العربية التي حلم بها رجال القرن التاسع عشر وعملوا من أجلها. وارتبط هذا الحديث بميل عارم إلى المراجعة والنقد الذاتي، والى اعادة النظر بالمفاهيم والنظم والعقائديات التي سادت في الحقبة الماضية. فتقويم الاطار النظري العام وفحص المسائل بدقة واعادة تحليل الواقع وفهمه فهمًا جديدًا هي من الشروط الاولية لتصحيح المسار، وجعل الممارسة الاجتماعية ممكنة بعد تردد والنشاط والمبادرة الانسانية مقبولة بعد توقف وتوجس.”
“إن علم الفيزياء اليوم في هرج عظيم , ولعل من الممكن القول : بأن فيزياء القرن العشرين تختلف عن فيزياء القرن التاسع عشر بمقدار ما يختلف الرادار الحديث عن منظار المرحوم نابليون”
“إن تحليل الشخص لثقافته الخاصة يوضِّح ببساطة العديد من الأمور التي نسلِّم بها في حياتنا اليومية.من ناحية أخرى, فإن الحديث عنها يغير علاقتنا بها. إننا ننتقل إلى تراسل فعّال ومتسامح مع مظاهر وجودنا التي تؤخذ جميعها كأمور مسلِّم بها أو التي تُثقل كواهلنا في بعض الأحيان. إن الحديث عنها يحررنا من قيودها.”
“وبالرغم من هذا الاتفاق بين إصلاحيي القرن التاسع عشر ودعاة هذه الأيام التليفزيونيين, في قراءة أزمة التأخر العربي بعامل الابتعاد عن الإسلام, فإنه يبقي أن قراءة كل منهما لتلك الظاهرة تختلف عن قراءة الآخر لها علي نحو كامل. وللمفارقة فإن القراءة الإصلاحية, القادمة من القرن التاسع عشر, لهذه الظاهرة, كانت أكثر وعيا واستنارة من القراءة الراهنة التي يقدمها دعاة هذه الأيام لها. إذ فيما يلح دعاة هذه الأيام علي تفسير ابتعاد الناس عن الإسلام بالميل المتأصل في نفوسهم إلي الهوي; وعلي النحو الذي يترتب عليه ضرورة زجرهم وقمعهم, فإن رجل الإصلاح قد ألح, في المقابل, علي مسئولية الاستبداد الكبري في إبعاد الناس عن جوهر الإسلام. ومن هنا فإن رجل الإصلاح لم يكن أكثر فهما فقط, بل وكان أكثر جرأة وشجاعة من شيوخ هذه الأيام البؤساء; الذين لا يفعل الواحد منهم- للأسف- إلا أن يكون معينا للمستبد في السيطرة علي المحكومين.”
“من أصعب اللحظات على المرء هي تلك التي تعجز فيها الحروف عن وصف ما بداخله من مشاعر.. يسترسل في الحديث ويطيل الشرح ويكرر العبارات.. ولكن يبقى الشعور مختلفاً عن كلماته.. وتبقى الكلمات في حيرة من أمرها.. عاجزةً أمام فيض المشاعر”
“لا تستغربوا من هؤلاء الكتاب والمثقفين الذين بات قلمهم " يسيل " بسلاسة باهرة في الحديث عن الثورة اليوم أملاً في أن يُسجل لهم موقف يُذكر بعد أن تضعضع النظام السوري و أخذ بالترنح .. نعم لا تستغربوا فكلمة المثقف كانت في الاساس تصف الرماح مدببة النصل التي تترقب الهدف لحين ضعفه فتقتنصه قنصاً !”