“اللذة, بدلا من ان تكون غاية لسعي الانسان, تكون في الواقع نتيجة أو أثرا لتحقيق المعنى. والقوة, بدلا من أن تكون غاية في حد ذاتها, تكون في الواقع وسيلة لغاية, لانه ما إذا كان الانسان يعيش ويمارس إرادة المعنى عنده, فإن قدرا معينا من القوة- ولتكن قوة اقتصادية أو مالية- سوف يكون متطلبا اساسيا. اما اذا لقي الفرد إحباط إزاء اهتمامه الأصلي وسعيه لتحقيق المعنى, فإن هذا الفرد سيقنع بأن يكون راغبا في القوة أو ساعيا وراء اللذة.”
“تحقيق الذات ليس هو الغاية القصوى عند الانسان, ولا حتى مقصده الأول. ذلك أن تحقيق الذات, اذا صار غاية في حد ذاته فإنه يتعارض مع خاصية تجاوز الذات أو التسامي بالذات وهي الخاصية المميزة للوجود الانساني. وبالاضافة الى ذلك, فإن تحقيق الذات ما هو الا نتيجة أو أثر -أي أنه نتيجة أو أثر لتحقيق المعنى, وينبغي أن يظل تحقيق الذات هكذا. ذلك أن الانسان لا يحقق ذاته الا بمقدار تحقيقه لمعنى في هذا العالم. وعلى العكس من ذلك, إذا شرع الفرد في تحقيق ذاته بدلا من أن يحقق معنى من المعاني, فان تحقيق الذات سوف يفقد مبرراته في الحال.”
“الصحة النفسية تستند الى درجة كبيرة من التوتر- التوتر بين ما انجزه الفرد بالفعل وما لا يزال عليه ان ينجزه, او الفجوة بين واقع الفرد وما ينبقغي أن يصير عليه. ذلك التوتر كامن في الوجود الانساني وبالتالي فلا غنى عنه بالنسبة للصحة النفسية. وينغي اذن الا نتردد في أن نضع أمام الانسان تحديات عليه أو يواجهها بما عنده من معان كامنة عليه أن يحققها. فكل ما نفعله في هذه الحالة هو أن نستدعي إرادة المعنى عنده في حالة كمونها. وأعتبر أنه لتصور خاطئ وخطير للصحة النفسية الزعم بأن ما يحتاجه الانسان في المحل الاول هو التوازن, أو كما يعرف باستعادة الاتزان في البيولوجيا, اي حالة اللاتوتر. فليس ما يحتاجه الانسان حقيقة هو حالة اللاتوتر ولكنه يحتاج الى السعي والاجتهاد في سبيل هدف يستحق أن يعيش من أجله. فالانسان لا يحتاج الى التخلص من التوتر بأي ثمن, ولكن يحتاج الى استدعاء امكانات المعنى-ذلك المعنى الذي ينتظر أن يقوم بتحقيقه. إن ما يحتاجه الانسان ليس استعادة الاتزان ولكن ما اسميه بـ الديناميات المعنوية, في مجال للتوتر -يتمثل أحد قطبيه في المعنى اللازم تحقيقه, ويتمثل القطب الآخر في الانسان الذي ينبغي أن يقوم بتحقيقه.”
“ليس كل صراع بالضرورة عصابيا, فمقدار من الصراع سوي وصحي. كذلك ليس كل معناه ظاهرة مرضية, وهي بالتالي ليست عرضا من أعراض العصاب. لذا فإن المعاناة قد تكون إنجازا انسانيا طيبا, خاصة اذا كانت تنشأ من الاحباط الوجودي. وإني لأنكر بقوة ان يبحث الانسان عن معنى لوجوده أو حتى تشككه في هذا المعنى, انما يشتق في أي حالة من أي مرض, أو يتمخض عن اي مرض. فالاحباط الوجودي ليس في حد ذاته ظاهرة مرضية ولا هو عرض ذو اصل مرضي.”
“اذا كان الانسان يتحرك في فراغ بلا مقاومة من اي نوع فانه لا يكون حرا بالمعنى المفهوم للحرية لانه لن تكون هناك عقبة يتغلب عليها ويؤكد حريته من خلالها”
“لم يستخدم قط تلك القوة الهائلة النائمة في ساعديه واكتافه لتحقيق أي نوع من أنواع العنف ضد أي كان . لقد كان فعلا على قناعة عميقة بأن امور هذا العالم لا تحتاج الى تقويم . وان القوة في جسد الرجل ليست الا رفاهية اضافية يمكن الاستغناء عنها ، وانه اذا ما اعترضت حياة الانسان معضلة ما ، فلا سبيل لزحزتها الا بالمعجزة ، وليس بالقوة أو بعناد القوة .”