“إننا لا نبغي بالتماس حقائق التصور الإسلامي، مجرد المعرفة الثقافية. لا نبغي إنشاء فصل في المكتبة الإسلامية، يضاف إلى ما عرف من قبل باسم "الفلسفة الإسلامية". كلا! إننا لا نهدف إلى مجرد "المعرفة" الباردة، التي تتعامل مع الأذهان، وتحسب في رصيد "الثقافة"! إن هذا الهدف في اعتبارنا لا يستحق عناء الجهد فيه! إنه هدف تافه رخيص! إنما نحن نبتغي "الحركة" من وراء "المعرفة". نبتغي أن تستحيل هذه المعرفة قوة دافعة، لتحقيق مدلولها في عالم الواقع.نبتغي استجاشة ضمير "الإنسان" لتحقيق غاية وجوده الإنساني، كما يرسمها هذا التصور الرباني. نبتغي أن ترجع البشرية إلى ربها، وإلى منهجه الذي أراده لها، وإلى الحياة الكريمة الرفيعة التي تتفق مع الكرامة التي كتبها الله للإنسان، والتي تحققت في فترة من فترات التاريخ، على ضوء هذا التصور، عندما استحال واقعاً في الأرض، يتمثل في أمة، تقود البشرية إلى الخير والصلاح والنماء.”
“نحن نعرف أشخاصاً واسعي المعرفة و بعيدين كل البعد عن الحكمة ، و أن الحكمة كثيراً ما تكون مطلوبة أكثر من المعرفة ، بل و إن كثرة المعرفة قد تؤدي هي نفسها إلى قلة الحكمة ، إذا كانت من نوع المعرفة التي "لا تنفع الناس" ، أو إذا أدت كثرتها إلى اختلاط الأمور أمام صاحبها فأضعفت قدرته على التمييز بين النافع و الضار.لا يمكن إذن في تحديد الهدف الاكتفاء بكم المعرفة بل لا بد من التطرق إلى نوعها .”
“و الإسلام يحب للناس أن يواجهوا حقائق الواقع و لا يهربوا منها إلى الخيال المهوم. فإذا كانت هذه الحقائق لا تعجبهم، و لا تتفق مع منهجه الذي يأخذهم به، دفعهم إلى تغييرها، و تحقيق المنهج الذي يريد.و من ثم لا تبقى في الطاقة البشرية بقية للأحلام المهومة الطائرة. فالإسلام يستغرق هذه الطاقة في تحقيق الأحلام الرفيعة، وفق منهجه الضخم العظيم.”
“هناك توقٌ ما في داخلي إلى المعرفة ، سلطة المعرفة طاغية لا ينجو من وهجها ذو قلب”
“إننا لم نكفر الناس وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول: إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة، وعدم تصور مدلولها الصحيح، والبعد عن الحياة الإسلامية، إلى حال تشبه حال المجتمعات في الجاهلية،وإنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة والتربية الأخلاقية الإسلامية.. فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر مما تتعلق بالحكم على الناس !.”
“إن الهدف الظاهر من قيام شريعة الله في الأرض ليس مجرد العمل للآخرة، فالدنيا والآخرة معا مرحلتان متكاملتان، وشريعة الله هي التي تنسق بين المرحلتين في حياة هذا الإنسان، تنسق الحياة كلها مع الناموس الإلهي العام. والتناسق مع الناموس لا يؤجل سعادة الناس إلى الآخرة، بل يجعلها واقعة ومتحققة في المرحلة الأولى كذلك، ثم تتم تمامها وتبلغ كمالها في الدار الآخرة.”