“ماذا سيحدث إذا أصغيت إلى الآخر ؟ سيتغير الأمر برمته : لقد أصغى أحدهم إلى , وأعتقد أن كلماتي راقت له , صحيح أنه لم يبد موافقة أو عدم موافقة , إلا أنه كان ينصت , حتى إنه أشعرني بأنه يرى العالم كما أنظر إلية , وهكذا فقد شعرت أنني أصغى إلى نفسي وبدأت أحوز الثقة في نفسي”
“إنني لم أعرف الكثير جداً من هذه الدنيا، ولم أعرف إلا القليل جداً من نفسي.. فعيناي مفتوحتان على الدنيا، ولكنني بلا عينين عندما أنظر إلى داخلي.. إلى الزحام داخلي.. إلى الوحشة المظلمة في أعماقي.. إلى الإنسان الذي نسيته يصرخ ولا أسمعه ولا أتبينه.. ولا أعتقد أنني سأستطيع يوماً ما.. فقد اتسعت المسافة بيني وبينه.. أو.. بيني وبيني.. وإنني في حاجة إلى ترجمان. ترجمان صديق.. يخبرني ماذا أريد أن أقول لنفسي.. ماذا أريد من نفسي، ماذا أستطيع.. ما الذي أقدر عليه..”
“تدريجياً بدأت أنتبه أنه يعبّر عن أشياء أريد أن أقولها , وإن لم أعِ إلا ساعة رؤية الرسوم أنني كنت أريد أن أقول ذلك . كأنه كان يسبقني في الكلام فيحدده قبل أن يتحدد على لساني أو حتى في رأسي . أو كأنه يعرفني أكثر مما أعرف نفسي”
“صحيح أن الله حرمه نعمةَ العقل، لكنه كان عاقلًا إلى درجة أنه لم يؤذِ أحدًا.”
“وإنني لمدرك الآن أنني كنت غير قانع بنفسي، وكانت هذه اللاقناعة تصل إلى حد الاشمئزاز بسبب غروري اللانهائي، والمستوى العالي الذي رسمته لنفسي، وهكذا صرت أشعر في صميمي بأن الآخرين كانوا يشعرون نحوي بمثل شعوري نحو نفسي. لقد كرهت وجهي مثلاً، وكنت أعتقد أنه يبعث على الاشمئزاز، بل كنت أظن أنه كان هنالك شيء من الضعة في ملامحي، ولهذا فكنت كلما صعدت إلى مقر عملي أحاول أن أتصرف بما يوحي باستقلالي الذاتي، وأن أضع على وجهي شيئاً من الترفع بقدر امكاني ، وكل هذا لكي لا أبدو تعسا حقيراً. وكنت أقول: قد يكون وجهي قبيحاً، فليكن رفيعاً معبراً إذن، وفوق ذلك ليبد دالاً على الذكاء الحاد. ولكنني كنت متأكداً إلى درجة شديدة تبعث على الألم من أنه كان مستحيلاً على ملامحي أن تعكس هذه الصفات، والأسوأ هو أنني كنت أعتقد بأنني كنت ألوح غبياً، ولهذا فقد كنت أطمح إلى أن ألوح ذكياً وحسب. بل كنت أرحب حتى بأن أبدو وضيعاً من أجل أن أبدو ذكياً فقط.”
“لقد أهانني الجميع حتى لم يتبق إلا أن أهين نفسي يا أميمة.”