“هبط السلم فى خطى بطيئة جدا ، وكان يتوقف كل درجتين ويتأمل فيما أمامه بعينين لا تريان شيئا ، وعلت شفتيه الشاحبتين ابتسامة هازئة مريرة ، وقد بدا له كل شئ كريها كئيبا تعافه النفس ..”
“اكتفى قهراً بانتزاع ابتسامة مغتصبة من شفتيه يرد بها عليهما رداً صامتاً كئيباً.”
“ورقد أخيراً على الفراش ، مسلما جسمه الهائل إلى قبضة المرض الجبار ، وقد تمرت أعضاؤه جميعاً على إرادته وبات عاجزا عن تحريكها إلا عينيه يقلبهما ذاهلاً فى سقف الحجرة ذى العمد الخشبية العتيقة يبرز من شقوقها ذيل البرص أو رأسه ويغشى ما بينها نسيج العنكبوت.إن تلك الحياة العامرة بألوان اللذات والسرور والأفراح قد اُختتمت بهذا الرقاد الأليم. وإن النور والغبطة والرفقاء قد تفانوا فى هذه اللحظة الموحشة. وانتهى كل شئ كما ينتهى الحلم الحلو وانتهى فى لحظة قصيرة كأنه لم يدم سنين وسنين ، وجاءت الساعة الرهيبة التى يتساءل فيها الإنسان فى حسرة مريرة .. أحقاً كان هذا الجسم سليماً ؟.. أحقاً كان هذا القلب حياً ؟.. أحقاً كانت هذه الدنيا حلوة سعيدة لذيذة الطعم ؟.. أحقاً ذهب كل هذا إلى غير رجعة ؟”
“من الحكمة أن نقدر جميع العواقب ، وقد قال حكيمنا قاقمنا : ((لا تضع كل أسهمك في جعبة واجدة))”
“وعرفت له اسلوبا في الحياة يعتبر غريبا في عصرنا ، فهو يميل إلى التقشف في ملبسه وطعامه الذي يشبه الرجيم وإلى ذلك فهو لا يدخن ولا يذوق الخمر وقد قال لي مرة :_ لم أعرف المرأة قبل الزواج وقاومت جميع المغريات وأنا طالب في البعثة !وأدهشني أن يصوم في رمضان رغم إيمانه الكامل بالمادية الجدلية وسألته :_ ما معنى ذلك ؟فضحك قائلا :_ كان أبي عاملا بسيطا ، وكان متدينا. فربانا تربية دينية شاملة فنشأنا في أحضان الأخلاق الإسلامية ولم استطع بعد ذلك التخلي عنها إلا فيما يناقض عقيدتي الجديدة ، وكان الصيام فيما استبقيته من العادات القديمة فهو رياضة تناسب سلوكي تماما ..وتفكر قليلا ثم قال :_ العظمة الحقيقية للدين لا تتجلى إلا عندما نعتبره لا دينا !”
“هذه نهاية كل رحلة. أما الحب فلا نهاية له.”
“قال الشيخ عبد ربه التائه :ما أجمل أن تودّعها وقد ازداد كل منكما بصاحبه رفعة .”