“فقدان روابط الإنتماء الإجتماعي ، يعود مباشرة إلى فقدان الإلتزام تجاه الآخرين ، وفقدان الإحترام لما هو عام ومشترك ..... تنهار قيمة الآخر ، لأن العلاقة معه لا تؤمن للشخص قيمته الذاتية ، لا تمده بالإعتراف بذاته من خلال اعتراف الآخرين به. وهكذا تسود الأنانية على حساب المصلحة العامة. تبرز هذه الأنانية التي لا تعرف حدودا ولا ترعى للآخرين حرمة ، حين تضعف السلطة القامعة أو تغيب عن المسرح لأمر ما. عندما يتحول المجتمع إلى غابة ذئاب. انعدام الشعور بالإنتماء ، مع ما يستتبعه من انعدام للشعور بالعدالة والعدل في نيل الحظوظ ، يولد عند الإنسان قلق الوحده ، وقلق التهديد يأتيه من الآخرين ، مما يفجر عدوانيته دون حدود.”
“السلطة في المجتمع المتخلف فرصة من أجل التسلط والإستغلال. وهكذا فكل من تمكّن من شئ من قوة أو سيطرة ، فإنه سيسلك النهج نفسه ، لأن ذلك هو النموذج الشائع ، ذلك هو القانون الرسمي الذي يكاد يفرغ من كل معنى ومحتوى في المجتمع المتخلف. إذ ما معنى القانون سوى الإلتزام تجاه الآخرين ؟ ..”
“فالحق أن معياري الأول في الحكم على تصرفات الآخرين هو ألا تتعارض بالضرورة مع الشرع والدين والقيم الأخلاقية ثم بقدر المستطاع مع التزامات الإنسان الرشيدة تجاه أبنائه وأهله ونفسه وكل ما عدا ذلك جائز ومقبول إذا ما توفرت له الظروف الملائمة بغير ابتذال يسيء إلى احترام الإنسان لنفسه أو ينقص من قدره عند الآخرين”
“قد يلجأ المرء لاكتساب هذا الشعور أو تأكيده إلى ارتكاب كثير من الصغائر، فكثير جدًا من ميلنا إلى التقليل من شأن الآخرين، بما في ذلك الإمعان في انتقاد الناس من وراء ظهورهم، والمبالغة في تضخيم أخطائهم الصغيرة، والتغاضي عن حسناتهم، والميل إلى رؤية عيوب الآخرين بدلًا من حسناتهم، كل هذا يؤكد لنا شعورنا بأننا "ذو قيمة"، وذلك عندما يعز علينا أن نكتسب هذا الشعور من أي طريق آخر غير التقليل من قيمة الآخرين.”
“لا شك أن صب العدوانية الداخلية على الجسد، على شكل مرض جسمي، يتناسب مع شدة القهر والقمع اللذين يتعرض لهما الإنسان. ولذلك نجد أن المرأة ميالة إلى صب عدوانيتها على جسدها، والاحتماء منها بالمرض، نظراً لما تتعرض له من قهر وغبن، وما يمنع عنها من إمكانات التعبير عن الذات والتمرد على ما يفرض عليها من حيف في المجتمع المتخلف. ولاشك في أنها من خلال مرضها، تتهم الآخرين وتبتزهم في الكثير من الأحيان، فارضة عليهم تعويضاً عما لحق يها من حيف، من خلال ما تستوجبه من عناية ورعاية خلال المرض.”
“عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة نحس أنه لا يعيبنا أن نطلب مساعدة الآخرين لنا، حتى أولئك الذين هم أقل منا مقدرة ولا يغض من قيمتنا أن تكون معونة الآخرين لنا قد ساعدتنا على الوصول إلى ما نحن فيه. إننا نحاول أن نصنع كل شىء بأنفسنا، ونستنكف أن نطلب عون الآخرين لنا، أو أن نضم جهدهم إلى جهودنا..؟ نستشعر الغضاضة في أن يعرف الناس أنه كان لذلك العون أثر في صعودنا إلى القمة. إننا نصنع هذا كله حين لا تكون ثقتنا بأنفسنا كبيرة أي عندما نكون بالفعل ضعفاء في ناحية من النواحى.. أما حين نكون أقوياء حقأ فلن نستشعر من هذا كله شيئأ.. إن الطفل هو الذي يحاول أن يبعد يدك التى تسنده وهو يتكفأ في المسير عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة، سنستقبل عون الآخرين لنا بروح الشكر والفرح.. الشكر لما يقدم لنا من عون.. والفرح بأن هناك من يؤمن بما نؤمن به نحن.. فيشاركنا الجهد والتبعة.. إن الفرح بالتجاوب الشعوري هو الفرح المقدس الطليق”