“إن الميل إلى الكسل والخمول الذي يشيع في أوساط الفئات الأكثر بؤساً وتأخراً في المجتمع المتخلف، يشكل عقبة أداء أمام مشاريع التنمية والتطوير الذاتي. فالقناعة راسخة عند هذه الفئات، بأن لا جدوى من الجهد الذي لا يمكن أن يعود خيره عليها، كما علمتها تجاربها خلال تاريخها الطويل من الاستغلال.”
“من المظاهر التي تلفت نظر الملاحظ ، السرعة الواضحة في تدهور الأداء العقلي والحوار المنطقي بين الناس في العالم المتخلف ، فالنقاش الذي يبدأ موضوعياً واقعياً لا يلبث أن يفجر انفعالات تؤدي إلى اضطرابه ويتحول الأمر من الحوار الهادئ ، من المنطق الذي يجابه الحجة بالحجة إلى صراخ ومهاترات ، كي ينزلق بسرعة إلى حوار الطرشان ، عند أول عقبة مادية أو مقاومة يبديها الشخص الآخر .”
“أمام اليأس من إمكانية الارتقاء من خلال الجهد المستمر، يتهرب الانسان المقهور من مصيره القاتم، من خلال التماهي بوجاهة الطبقة ذات الامتياز التي تعيش عالة على القئات الكادحة. وبذلك يصبح الكسل، وازدراء العمل دليل وجاهة : أنا لا أعمل، فأنا لست بائسا كغيري من الكادحين. أنا أكسل، فأنا شبيه بذي الحظوة الذي يعيش حياة لهو واستهلاك وعبث.”
“المواد الدراسية تظل إجمالاً غريبة عن الإطار الحياتي للتلميذ ,إنه يتعلم عموماً إما محتويات دراسية مستوردة من خارج المجتمع(نظريات وعلوم الغرب مطبقة على ظواهره) في المراحل العليا من التعليم وإما مواد لا تمت إلى واقع التلميذ بين الفئات الشعبية في المراحل الابتدائية والمتوسطة معظم المناهج تعالج قضايا تمت إلى حياة الطبقة المسيطرة تغرس في الطفل المثل العليا السائدة لهذه الطبقة والتي لا يمكنه عملياً وواقعياً ممارستها في حياته اليومية يظل العلم مسألة نظرية لا يعالج واقع الطالب في العالم المتخلف لا يتيح له فرصة الإرصان العقلي لهذا الواقع وانفصام عنه في المدرسة التى تفرض على الطالب حالة من الاغتراب عن قضاياه المعاشة”
“لا شك أن صب العدوانية الداخلية على الجسد، على شكل مرض جسمي، يتناسب مع شدة القهر والقمع اللذين يتعرض لهما الإنسان. ولذلك نجد أن المرأة ميالة إلى صب عدوانيتها على جسدها، والاحتماء منها بالمرض، نظراً لما تتعرض له من قهر وغبن، وما يمنع عنها من إمكانات التعبير عن الذات والتمرد على ما يفرض عليها من حيف في المجتمع المتخلف. ولاشك في أنها من خلال مرضها، تتهم الآخرين وتبتزهم في الكثير من الأحيان، فارضة عليهم تعويضاً عما لحق يها من حيف، من خلال ما تستوجبه من عناية ورعاية خلال المرض.”
“تمارس عملية التلقين من خلال علاقة تسلطية : سلطة المعلم لا تناقش حتى أخطاؤه لا يسمح بإثارتها وليس من الوارد الإعتراف بها بينما على الطالب أن يطيع ويمتثل ,هذه العلاقة اللاعقلانية تعزز النظرة الانفعالية إلى الوجود لأنها تمنع الطالب من التمرس بالسيطرة على شؤونه ومصيره, وهي كذلك مسؤولة إلى حد بعيد عن استمرار الذهنية المتخلفة لأنها تشكل حلقة من حلقات القهر الذي يمارس على مختلف المستويات الرتيبة في حياة المتخلف”
“الواقع أن الاحتماء بالأولياء والتعلق بالأبطال والاتكال على الزعيم المنقذ تتلاقى مع الميل إلى الإفراط في توكيد الذكورة فالبطل والزعيم هما دوماً المثال الكامل للرجولة جنسياً وعضلياً وشجاعة والتعلق المفرط بهما في قيمة رجولتها بشكل خرافي كما يشيع في السر الشعبية, والنظر إلى الزعيم هي من النوع التعويضي المحض من خلال التماهي بالبطل والزعيم بعوض الإنسان المقهور بعض نقصه ويعالج خصاءه ويخفف من قلقه”