“عندما مات أبي، لم أجد ما أقوله.. لم أكتب.. لم أتلق العزاء.. ولا عاتبت أحدًا لأنه لم يمد لي يدًا يطلب السلوان لي والجنة لوالدي؛ فقد كان من الضروري أن أشعر بأن والدي قد غاب.. قد بعد عني.. كان يجب أن أناديه فإذا لم يرد أدركت أنه ليس هناك؛ وإذا عاودت النداء أيقنت أنني وأنه لسنا هنا؛ فبيننا مسافات في المكان والزمان.. ولم أكن في حاجةٍ إلى معجزة لكي أشعر بذلك .. فقد اقتربت منه وفتح عينيه وقال كلمة، ولما لم أجد ابتسامته الرقيقة أدركت أنه مات، فقد كان الابتسام مثل النقط فوق وتحت الحروف، فهو إذا قال ثلاث كلمات ابتسم خمس مرات.. وكان لابد أن أقنع عقلي وقلبي، وأن أعيد ترتيب حياتي كلها قبل أن أشيع في وجودي كله أنه قد مات.. ولذلك احتجت بعض الوقت لكي أرى أوضح وأسمع أعمق وأفكر أبعد لكي أسترجع الذي كان، فأجعله كأنه ما يزال حيًا أمامي.”
“لم أجد حِكمة في أن أكون في حالة غضب بلا قضية.”
“وليس اليتيم هو الذي مات أبوه،ولا اللقيط هو الذي لم يعرف أمه ولم يعرف أباه،أو الذي أحتضنته الملاجئ...وإنما اللقيط هو الذي يشعر أنه غريب في بيته.وأنه غريب بين أخوته.وأنه غريب بعين غرباء...”
“و لم أكتشف إلا فيما بعد أن حبي لعبد الوهاب كان إعجابا "بأسلوبه" في التعبير ومقدرته على البلاغة في الأداء . كان عبد الوهاب يصوّر أملاً من أمالي في أن أكون قادراً على أن أقول و أن يجيء قولي واضحاً بسيطاً مفهوماً مسموعاً .. أو هكذا تصوّرت”
“.. قالوا لي أن مطالبنا قد تحققت فلم أفرح.. فقد كان كل ما يقولونه لي في السابق كذباً وأنا لم أعد تلك الطفلة التي تتفائل بوجوههم السمجة المبتسمة بسخافة..”
“إنني لم أعرف الكثير جداً من هذه الدنيا، ولم أعرف إلا القليل جداً من نفسي.. فعيناي مفتوحتان على الدنيا، ولكنني بلا عينين عندما أنظر إلى داخلي.. إلى الزحام داخلي.. إلى الوحشة المظلمة في أعماقي.. إلى الإنسان الذي نسيته يصرخ ولا أسمعه ولا أتبينه.. ولا أعتقد أنني سأستطيع يوماً ما.. فقد اتسعت المسافة بيني وبينه.. أو.. بيني وبيني.. وإنني في حاجة إلى ترجمان. ترجمان صديق.. يخبرني ماذا أريد أن أقول لنفسي.. ماذا أريد من نفسي، ماذا أستطيع.. ما الذي أقدر عليه..”
“ بقينا لعقود مصرين على أن العلم التجريبي بدأ عندنا قبل بيكون وقبل الغرب، لماذا لا نواجه أنفسنا بالحقيقة ؟ إذا كان قد بدأ عندنا فقد مات عندنا أيضًا، إذا كان العلم التجريبي قد خرج من عندنا، فهو لم يرجع إلينا، لقد أوصدنا الباب خلفه، وقتلنا بنظرتنا الجامدة نحو الأسباب”