“و بالحقوق المدنية يتصل أمر الرق، الذي يعجب الكثيرون لإبقاء الإسلام عليه مع أنه جاء بشرع الحرية لا بشرع الاسترقاق. و قد كتبنا و كتب غيرنا في تعليل هذا الموقف ما يغني عن الإطالة فيه، لكنّ الذي نكتفي بإيراده الآن، و هو مما لا ريب فيه، أن الشريعة الإسلامية قاومت الرق مقاومة منظمة فعالة كانت بخطاها المتدرجة أفعل في تهيئة الضمير البشري للقضاء عليه. و لقد أوشك الإسلام – بتضييقه مصادرَ الرق – أن يلزم المسلمين بالعتق، لأنه كان يتوقع انتهاء الرقيق في العالم إلى الحرية الكاملة بعد أجل مسمى محدود، مصداقاً لقول النبي صلوات الله عليه: (أوصاني حبيبي جبريل بالرفق بالرقيق حتى ظننت أنه سيضرب له أجلاً يخرج فيه حراً)، و في رواية: (حتى ظننت أن الناس لا تستعبد ولا تستخدم.)”