“بكى أحد الحكماء على قبر ولده فقيل له : كيف تبكي وأنت تعرف أن الحزن لا يفيد ؟فنظر إلى سائله طويلاً ثم قال متحسراً : إن هذا هو ما يبكيني !وهكذا نحن أيضاً ..نبكي في أحيان كثيرة ونحن نعرف أن الحزن لا يفيد ..لكننا مع ذلك نجد راحتنا في الدموع ونلتمس فيها السلوى والعزاء ..وحسناً نفعل كلما اشتدت الحاجة لذلك , فالإنسان القادر على البكاء حين تثقل عليه همومه أو حتى أفراحه إنسان طبيعي يتخفف بدموعه من توتره النفسي ويغسل أشجانه ويبرد بها لهيب أحزانه كما تخفف مياه الرداياتير من حرارة موتور السيارة وتحميه من الانصهار أو الانفجار , ولقد أثبت العلماء أن للدموع أفضالاً كثيرة على الإنسان ولولاها لما احتمل كثيرون حياتهم والمواقف المؤلمة فيها ..فالإنسان في تعاسته يفرز جسمه مواد كيماوية ضارة تساعده الدموع على التخلص منها وتزيد من ضربات القلب فتعتبر تمريناً مفيداً للحجاب الحاجر وعضلات الصدر والكتفين ..وعند الانتهاء من نوبة البكاء تعود ضربات القلب إلى سرعتها الطبيعية وتسترخي العضلات ويتسلل إلى الإنسان شعور غريب بالراحة يساعده على أن ينظر للهموم التي أبكته نظرة أكثر وضوحاً وموضوعية ..”
“يبدو أننا أحياناً نفضل أن ندور حول رغباتنا بدلاً من الاعتراف بها لأنفسنا والمجاهرة بها، حتى لا نتحمل في سبيل ذلك بعض العناء كضريبة ضرورية لنيل ما نريد ،أو لأننا نغمغم لأنفسنا بما نرغب ونترقب من الأقدار أن تهبه لنا بغير أن نبدو نحن ساعين إليه أو متلهفين عليه لأننا نخجل أن نجاهر به و-"الخياط العظيم لا يقص كثيراً " كما يقول المثل الصيني ،وإنما يمضي إلى هدفه المحدد بلا تردد فلا يقطع إلا ما يتطلبه تحقيق هذا الهدف أما نحن فإننا نقص في إتجاهات مختلفة وبعيدة عن الهدف الذي نتمناه صامتين وننتظر من يرغمنا على السعادة التي نعرفها ونريدها من أعماقنا”
“من أشق الأمور على الإنسان المهموم بأمره أن يجد نفسه مضطراً إلى التصريح بما يتحرج أن يعرفه عنه الآخرون , أو ربما كان يرجو أن يعفوه من الحديث عنه أو الاشارة إليه , تلطفا منهم وإدراكاً لحساسية الأمر وخصوصيته بالنسبة له ..ولكن ماذا نفعل يا صديقي مع من قد يدفعهم حرصهم علينا أو حبهم لنا في بعض الأحيان إلي عدم الاكتفاء بملاحظة الحال بغير سؤال , والإلحاح علينا بالتساؤلات الصامتة أو الصريحة عما لا تكون اجابته إلا كشف أفكارنا والحديث عما لا يسعدنا البوح به ؟وماذا نفعل مع غيرهم من البشر الذين لا يدركون أين تقع اسئلتهم المؤلمة من القلوب الحزينة ..”
“فالحق أن معياري الأول في الحكم على تصرفات الآخرين هو ألا تتعارض بالضرورة مع الشرع والدين والقيم الأخلاقية ثم بقدر المستطاع مع التزامات الإنسان الرشيدة تجاه أبنائه وأهله ونفسه وكل ما عدا ذلك جائز ومقبول إذا ما توفرت له الظروف الملائمة بغير ابتذال يسيء إلى احترام الإنسان لنفسه أو ينقص من قدره عند الآخرين”
“اهلا.. مع السلامة!هذا هو ملخص "القصة" كلها..ومغزاها العميق!اهلا للقادمين ..ووداعا للراحلين ..واهلا بالحب والصداقة وعشرة العمر الجميلة وكل المعاني السامية التي تخفف من عناء الحياة وتزيد من مساحة الصدق والجمال والوفاء فيها، ومع السلامة لكل شىء آن اوان انتهائه ..وحل موعد إسدال الستار عليه. فلكل شىء في الحياة بداية..وله ايضا نهاية لا مفر منها وإن طال المدى .. من الحب إلى الشباب ..إلى النجاح ..إلى الصحة ..إلى الصداقة إلى كل الأشياء، وكما نسعد بالبدايات السعيدة علينا ايضا أن نتعلم كيف نتقبل النهايات الحزينة لكل شىء في الحياة، ونسلّم بها ونتواءم معها.”
“كثيرًا ما تعاملتُ مع أشخاص لا يئنون ولا يشتكون من حياتهم أو ظروفهم الخاصة، ثم سرعان ما عرفتُ بعد اقترابي منهم أنهم حقًا لا يئنون ولكن ليس لأن حياتهم خالية مما يستحق الأنين وإنما لأنهم قد تجاوزوا مرحلة البوح والصراخ إلى مرحلة العجز عن الشكوى، أو إلى مرحلة "الصمت.. قوة الانفعال" وهي مرحلة متقدمة من مراحل الألم يفقد الإنسان معها حتى القدرة على الكلام والشكوى والبكاء. فتعلمتُ هذا الدرس، واستعنتُ به في فهم شخصيات كثيرين يظنهم الغافل سعداء، وهم في الحقيقة "مآس بشرية" تمشي على أقدامها.”
“إن كتاب التراجم يفتشون في حياة المشاهير دائماً على نقطة التحول التي كانت بداية انطلاقهم إلى المجد فيكتشفون في أحيان كثيرة أنها كانت عقبة أو فشلاً ذريعاً .. أو إخفاقاً في تحقيق هدف ، حول مجرى حياتهم إلى الطريق الذي لمعت فيه عبقرياتهم .”