“- أنا لا أنسى ابتسامات العابرين أبداً وكمآ أنّي لا أنسى أحاديث الغرباءْ و أذكرها دوماً..أعلمُ أنها ستكونُ غالباً صادقة، لأنهم لا يرتجونَ منّا شيئاً، ستكونُ ابتسامة سببها الوحيد أنّنا نشاركهم الانسانية و لربّما لأنّهم لمسوا فينا طيبةً مآ، أنا أجدُ في ابتساماتهمْ دفئاً مميزاً و يدوم أثرهُ طويلاً، لذلك لا أبخلُ بالابتسامةِ على صغيرٍ أو كبيرٍ أو على أي شخص آخرَ يقاسمني ملامح الانسانية وَ سيأخذُ ابتسامتي بحسن ظنٍ طآهرْ، لأنّي أُدركُ جيداً وقعها على نفسي و نفسي تشابه نفوس الكثيرينْ!-وَ أنا أعلم جيداً أنّ حديث الغرباء مع شخصٍ مآ يعني أنّهُ مريحٌ حد الاطمئنان و حدّ المعرفة و حدّ انسياب القلب كنبعٍ وجدَ فوّهةً صغيرةْ ليسكب ما يتزاحم في دواخله!فإن كنتَ كذلك فحافظ على نفسكَ جيّداً،وَ إن لم تكنْ، فحاول أن تكونْ لأنّ مظهركَ يدلّ على جمالٍ داخلي ربّما حجبته غمامات الهموم عن عينيكْجميلٌ جداً أن تشعرُ أنّك مريحٌ منذ اللقاء الأولْ، و الغرباء قد يمنحوك هذا الشعور بشيء من الغرابة الجميلةْ، وَ أحياناً أكثر من المقربين أنفسهم”
“ربّ اجذبني إليك بحبلك الممدود لأخرج من ظلمتي إلى نورك و من عدميتي إلى وجودك و من هواني إلى عزتك .. فأنت العزيز حقاً الذي لن تضرك ذنوبي و لن تنفعك حسناتي .إن كل ذنوبنا يارب لن تنقص من ملكك .و كل حسناتنا لن تزيد من سلطانك .فأنت أنت المتعال على كل ما خلقت المستغني عن كل ما صنعت .و أنت القائل :هؤلاء في الجنة و لا أبالي و هؤلاء في النار و لا أبالي .و أنت القائل على لسان نبيك :( ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم )فها أنا أدعوك فلا أكف عن الدعاء .. فأنا المحتاج.. أنا المشكلة .. و أنا المسألة .أنا العدم و أنت الوجود فلا تضيعني .عاوني يارب على أن اتخطى نفسي إلى نفسي .. أتخطى نفسي الأمارة الطامعة في حيازة الدنيا إلى نفسي الطامعة فيك في جوارك و رحمتك و نورك و وجهك .”
“و كذلك الحق لا يجحده الجاحدون لأنهم لا يعرفونه. بل لأنهم يعرفونه! يجحدونه و قد استيقنته نفوسهم، لأنهم يحسون الخطر فيه على وجودهم، أو الخطر على أوضاعهم، أو الخطر على مصالحهم و مغانمهم. فيقفون في وجهه مكابرين، و هو واضح مبين.”
“و هذا الاحساس كان قد استيقظ في نفسي منذ زمن بعيد ، و هو أنني كنت أتحلل و أنا حي ، و لم يكن هناك توافق بين جسمي وقلبي ، وليس هذا فحسب ، بل بين روحي و قلبي ، كنت اجتاز دائما نوعا من الفصام و التحلل الغريب ، و أحيانا كنت أفكر في أشياء لا أستطيع أنا نفسي أن أصدقها”
“لقد دعا الله الإنسان ليقرأ قبل أن يسمع أو ينظر , و على ذلك فإن الذي لا يقرأ , يكون سمعه ضعيفاً و تكون نظرته قاصرة , و ما إن يبدأ الإنسان في القراءة حتى تراه يسمع جيداً”
“هناك خطب أنا اسميها خطب السكر الإلهي، أو على حد تعبير المتصوفة خطب الخمر الإلهية، لأن موضوعها يقوم على إسقاء السامعين معاني تثير في أبدانهم نشوة دينية مبهمة. لا صلة لها بحقيقة الإسلام، و لا بحاضر المسلمين المر.و في نفسي سخط كبير على أولئك الخطباء السحرة إنهم لم يغضبوا لله يوماً، و لا ناصبوا العداء ملكاً ظالماً، أو حاكماً مجرماً، أ محتلاً غاشماً ! و لا تمعرت وجوههم لإثم شقى به الناس، و سخطه رب الناس، و لا عناهم البحث عن أجدى الطرق لإنقاذ ديننا و بلادنا و أنفسنا من النكبة التي حلت بنا !.ذلك أن خطباء السكر الإلهي لهم أسلوب انفردوا به للتحدث عن الإسلام جعل العوام و أنصاف المتعلمين و أشباه المثقفين يلتفون بهم و يهتزون لكلامهم اهتزاز السكران المخبول.و من البديهي أن الإسلام يتأخر بهؤلاء و لا يتقدم، و أن قضايانا المعقدة لن تزيد في أيديهم إلا خبالا، و أن الجمهور الساذج الحائر لن يهتدي إلى طريق العمل الصالح و الإنتاج السليم لا بإلقاء هذه الخطب، و لا بالإنصات إلى أصحابها.من كتاب (في موكب الدعوة)”