“إن تاريخ أمتنا لم يكن ظلاماً كله.. وإن التناقض بين "التطبيق" في هذا التاريخ، وبين "الفكر" لم يكن كاملاً ولا حادّاً ولا دائماً.. إن البعض منا قد قسا ويقسو، وبالغ ويبالغ في تصوير مظالم ذلك التاريخ؛ لينفِّر من الظلم والاستبداد، وليزكي الدعوة إلى استلهام فكرنا الغني، ونحن نجاهد للنهوض بالواقع الذي نعيش فيه.. وهذا مقبول ومفهوم.. لكن الكثيرين من أعداء هذه الأمة، ومعهم نفر من المنتسبين إليها، يسلكون هذا السبيل ليصلوا بواسطته إلى غرض خبيث.. فهم يصورون تاريخنا ظلماً وظلاماً، كي ينزعوا سلاح الأمة المتمثل في هذا التاريخ، وهي تواجه ما يفرضونه عليها من تحديات.. وهم يوحون إلى الناظر في تراثنا الفكري أن ما بهذا التراث من حديث عن "السماحة" و"حقوق الإنسان"، هو "فكر نظري" لم يوضع يوماً ما في "الممارسة والتطبيق"، مستهدفين من وراء ذلك - أيضاً - نزع سلاح الأمة المتمثل في هذا "التراث الفكري"، كي لا يسعى الجيل الحاضر إلى استلهام أصول حضارته وسمات قوميته والجوهري من معتقداته، وما هو متقدم وفاعل من القيم التي ورثناها عن الأسلاف..فظلم الماضي، والقسوة في تقييم تطبيقات السلف سلاح ماض ذو حدين،قد يدفع الأمة إلى عكس ما تريد، وضد ما هو مفيد..”
“إن في ديننا وتراثنا طاقات خلاقة ما زالت وستظل صالحة للعطاء في معركة أمتنا من أجل الحرية والتقدم والوحدة , وليس في تراث الإسلام السياسي ما يتعارض مع المبدأ الذى تؤمن جماهير أمتنا وتناضل في سبيل سيادته , وهو أن تكون هذه الأمة , دائماً وأبداً , مصدر السلطات .”
“وإذا كانت أمتنا تشكو من التخلف الحضاري، فإن طوق نجاتها من هذا التخلف هو "التجديد والإحياء الحضاري" ..وأعدى أعداء هذا "التجديد" هو "التقليد" فالتقليد للنماذج الحضارية الغربية والوافدة يعطل ملكة الإبداع والابتكار.. ولن تنهض الأمة إلا بالتجديد..ولن يكون هناك تجديد إلا إذا شعرت الأمة بالحاجة إليه، وبأنه ضروري..ولن يتأتى ذلك إلا إذا آمنت بأن لها في النهضة مشروعا متميزا عن المشاريع الأخرى للحضارات الأخرى”
“مرّ على العالم الإسلامي ما يقرب من عشرة قرون, وكثير من الناس يهتمون بالصيام أكثر من اهتمامهم بالصلاة حتى قال ابن الجوزي-رحمه الله-:"وفي زماننا من إذا جلدته حتى يصلي ما صلى, وإذا جلدته حتى يفطر في رمضان ما أفطر!", مع أننا نعرف أن أهم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين هو الصلاة, وهذا الخلل في الاهتمام ظلّ موجودًا إلى عهدٍ قريب, ولا نستطيع أن نفهمه إلاّ إذا عدنا إلى التاريخ؛ ويغلب على ظني في هذا السياق أن الأمة مرّت بفترة انقطاع حضاري ساد فيها الجهل, وقلّ العلم , وحين يحدث ذلك يصبح تحكّم العادات و التقاليد بسلوك الناس أكثر من تحكّم المبادئ والأحكام الشرعية... ويبدو أن إفطار رمضان يعبِّر في نظر الكثيرين عن نقص في الرجولة, وليس كذلك ترك الصلاة, وهذا ما دعا الكثير من المسلمين في الماضي إلى التشبث بالصيام والتهاون بالصلاة.”
“إذا "جاز" الصبر على الظلم عند العجز عن مقاومته.. وإذا كانت "الطاعة" واردة للأمراء الذين يمنعون الرعية حقوقها، فلذلك ضوابط تمنع الإطلاق، وتجعل الهيمنة للنصوص المتسقة مع روح الشريعة.. مثل أن تكون الحقوق الممنوعة خاصة بالمطيع وحده، وفي حالة ما إذا كانت المقاومة مستحيلة، أو مفضية إلى شر محقق يفوق الشر المتمثل في منع الحقوق.. أما الدعوة إلى تربية الأمة على خلق "الصبر على الظلم والاستئثار" و"طاعة من يغتصبون حقوقها" فليس من الإسلام، ولا مما يتسق مع روح شريعته الغراء!”
“ارتكبتُ من الأخطاء ما يدفعني، لإصلاحها،إلى العمل الإضافيّ في مُسَوَّدة الإيمانبالمستقبل. من لم يخطئ في الماضي لايحتاج الى هذا الإيمان.”
“إن أشد ما يزعج حكامنا هو أن يقوم من ينبه الأمة إلى فساد حالها و يبغّضها فيما هى عليه من العجز و التخلف ،،،”