“مَن المغفل الذى يمكن أن يُقدِم على احتلال مصر؟ الاحتلال موضة قديمة.”
“تتبخر الكلمات. مَن قال إن الكلمات يمكن أن تحمل المشاعر وتنقلها؟ ”
“كلهم يكذبون، ويتظاهرون، ويتباكون كذبا؛ كلهم يستخدمون الاحتلال الإسرائيلى ليُخرِسُوا من يعارضهم، دون أن يفعلوا شيئا لإنهائه. وهذا الجنون المطبق، هذه القنابل النووية «الصغيرة»، لن تُنهِى الاحتلال بل ستجرُّنا نحو الهاوية وتتوِّج القطان ومستبديه الصغار ملوكا إلى الأبد، وهو الهدف والمراد.لا.لست أنا الخائن.لست أنا من أدخل الإسرائيليين إلى شرق سيناء.لست أنا من دخل الرئاسة على جثث مواطنيه وأسِنَّة حِرَاب أعدائه.لست أنا من افتعل حربا وخسرها كى يكسب صراعا مع خصومه السياسيين.ملوك الطوائف هؤلاء هم الخونة، هم مَن خانوا عهد الأبرياء الذين بايعوهم على الطاعة مقابل الحماية والعدل، فلم يلقوا منهم لا هذا ولا ذاك، وانتهى بهم الأمر بين الموت والذلة.ولن ألعب لعبتهم هذه بعد اليوم. لن أشارك فى مزيد من القتل الجماعى وإن تمّ بدعوى تحرير الوطن، ولن أفرّ تاركا الأبرياء يغرقون خلفى.”
“موت أبى فى نهاية العام أكثر ما مسَّنى، ولم أفهم مصدر حزنى العميق إلا بعدها بسنوات: لم يكن هذا حزنا على فقد الأب فحسب، بل على الزمن الذى يمضى بلا رجعة ولا يوقفه شىء أو أحد، حتى أقوى الناس فى نظرى. حين مات أبى شعرت أنى كبرت: انتقلت بين عشية وضحاها من طابق الصغار إلى طابق الكبار. صعدت إلى الطابق الأعلى الذى ليس فوقه طوابق أخرى، والذى لا يمكن النزول منه ثانية، مهما فعلت.”
“الصديق هو من تعرفين أنك يمكن أن تهبطي عليه في أي لحظة.”
“أحب النوارس التى تلجأ إلى البحر فى العاصفة، وأكره الموت الذى ينام على حياتى الواقفة، وأنتظر.”
“أعتقد أن قبولى هذه الوظيفة لم يكن فقط لهذه الأسباب، بل لأنى خفت. خفت أن أخرج من القصر الرئاسى إلى عالم لا أعرفه. صحيح أن الثورة فتحت لى آفاقا كنت أجهل وجودها، وجعلتنى أكتشف مِصر أخرى غير تلك التى عرفتها من قبل. وصحيح أن ذلك فتح فى حياتى أبوابا لبهجة جديدة علىّ، وصرت أرى حياتى القديمة ضيقة ومحدودة وأتعجّب كيف قضيت أربعين عاما فى هذا الإطار الخانق. لكن حين جاءت لحظة الاختيار بين أمان ما أعرفه واعتدته، والمجهول، خفت الخروج من المكان الوحيد الذى أعرف فيه الأمان، خفت أن أضيع إن تركت العالم الوحيد الذى لى فيه قيمة وأصبح عالة على أصدقائى أو حماى. بالمقارنة مع هذا الضياع المحتمَل، كان المقدم المنيسى يعرض علىّ الجلوس بجوار العرش، وربما القدرة على التأثير فى قراراته. ومن ثَمَّ قبِلت.”