“وهل الإسلامُ إلا هذه الروح السماوية التي لا تهزمها الأرضُ أبداً، ولا تُذلها أبداً، ما دام وطمعُها معلًّقين بأعمال النفسِ في الدنيا، لا بشهوات الجسم من الدنيا؟”
“يا من وهب عبادة العقل بين هذه النواميس التي لا تعقل، حتى لا يتم أبداً عقل إنسان ولا تكمل أبداً حكمة حكيم فيظل باب الخطأ مفتوحاً لأكبر العقول وأصغرها، وتكون الحيرة قاعدة من قواعد العقل، ليخرج من ذلك أن يكون التسليم قاعدة من قواعد القلب”
“لعل عين الإنسان ملئت بالدموع من أصل الفطرة لتكون منها خنادق مستفيضة حول الروح فلا يقتحمها الفكر و لا يُرى أبداً إلا ظاهرها”
“و "أما قبل" ... فقد رأيت عندك الفجر وأخذت منه نهاراً أحمله في روحي لا يظلم أبداً !وخالطت عندك الربيع وانتزعت منه حديقة خالدة النضرة في نفسي لا تذبل أبداً !وجالست عندك الشباب وترك في قلبي من لحظاته ما لا يهرم أبداً !واجتمعت عندك بالحب وكشف لي عن مخلوقات الكون الشعري الذي تملؤه ذاتي لا ينقص أبداً !و رأيتك يا فجري وربيعي وشبابي وحبي .. فلن أنساك أبداً !!و "أما قبل" ..... !!!”
“وعرفوا به -صلى الله عليه وسلم- تمامَ الرجولة، ومتى تمَّتْ هذه الرجولةُ تمامَها في إنسان، رجعتْ له الطفولةُ في روحه، وامتلك تلك الطبيعةَ التي لا يملكُها إلا أعظمُ الفلاسفة والحكماء فأصبحَ كأنما يمشي في الحياة إلى الجنة بخُطُوات مسدَّدة لا تزيغُ ولا تنحرف، فلا شرَّ ولا رذيلة، ودنياه هي الدنيا كلُّها بشمسها وقمرها، يملكُها وإن لم يملك منها شيئاً، ما دامت في قلبه طبيعةُ السرور، فلا فقرَ ولا غنى مما يشعرُ الناس بمعانيه، بل كل ما أمكن فهو غنىً كاملٌ؛ إذ لم تَعُدْ القوةُ في المادة تزيد بزيادتها وتنقص بنقصها، بل القوةُ في الروح التي تتصرفُ بطبيعة الوجود، وتدفع قوى الجسم بمثل دوافع الطفولةِ الناميةِ المتغلِّبة، حتى لَتَجْعَلُ من النور والهواء ما يؤتَدَمُ به مع الخبز القَفَار، كما يؤتَدَمُ باللحم وأطايبِ الأطعمة.”
“هؤلاء الفلاسفةُ الذين تقومُ فلسفتهم على قاعدة علمية, وهي أن الأشياءَ الكثيرةَ لا تكثرُ في النفسِ المطمئنَّةِ.وبذلكَ تعيشُ النفسُ هادئةً مستريحةً, كأنْ ليسَ في الدنيا إلا أشياؤها المُيَسَّرةُ.أما النفوسُ المضطرِبَةُ بأطماعِها, وشهواتِها, فهي التي تُبتَلَى بهمومِ الكثرةِ الخياليَّةِ.ومثَلُها في الهمِّ؛ مثَلُ طُفَيْلِيٍّ مُغفّلٍ, يَحزَنُ لأنَّه لا يأكُلُ في بطنينِ...”
“الإنسان كله يا بني منطوٍ في رأسه.. وما هذا الجسم إلا أداة.. منها ما يحمل الرأس .. ومنها ما يحمل إليه ومنها ما يحمل عنه.. فالجسم دابة من الدواب لا أكثر ولا اقل ”