“بعضاً من علماء السوء وفقهاء السلاطين يزعمون أن الإسلام يوجب على الرعية طاعة الحكام، هكذا بإطلاق، وفي كل الأحوال.. وأنه يطلب من الأمة شكر الحاكم إذا عدل، والصبر على ظلمه إن هو كان ظالماً.. وهم يحسبون أنهم يخدعون الأمة عندما لا يميزون بين "الاستسلام" والضعف والاستكانة للظلم والمنكر- وهي مما حرمها ونهى عنها الإسلام- وبين "الصبر الإسلامي"، الذي هو شجاعة واحتمال في مواجهة الشدائد على درب النضال من أجل تطبيق فرائض الإسلام، وفي مقدمتها مقاومة الجور ومغالبة الظالمين.”
“الأمة هي التي تختار من يتولى أمرها، ولا يكون من سيتولى الأمر هو الذي يفرض نفسه. هكذا كان في تقدير الله لأمة الإسلام وهي أمته. هي التي تختار لنفسها. لقد أراد محمد أن يختار أمته، ولكن الذي حدث هو أن الأمة هي التي اختارته. وذلك أساس لا ينبغي أن تتخلى عنه أمة الإسلام. إنها هي الأساس، وهي التي تختار، ولو كان المختار هو رسول الله. هكذا قدر الله رب الإسلام وأمة الإسلام.”
“الإسلام ـ كما قلنا مرارا ـ حجة على الأمة , و ليست الأمة ـ في أي جيل من أجيالها ـ حجة على الإسلام , إن استقامت على أمر الله فهي مستقيمة , وإن انحرفت عنه فهي منحرفة , ويبقى دين الله كما أنزل , لا يصيبه من انحراف الأمة شئ .”
“إذا "جاز" الصبر على الظلم عند العجز عن مقاومته.. وإذا كانت "الطاعة" واردة للأمراء الذين يمنعون الرعية حقوقها، فلذلك ضوابط تمنع الإطلاق، وتجعل الهيمنة للنصوص المتسقة مع روح الشريعة.. مثل أن تكون الحقوق الممنوعة خاصة بالمطيع وحده، وفي حالة ما إذا كانت المقاومة مستحيلة، أو مفضية إلى شر محقق يفوق الشر المتمثل في منع الحقوق.. أما الدعوة إلى تربية الأمة على خلق "الصبر على الظلم والاستئثار" و"طاعة من يغتصبون حقوقها" فليس من الإسلام، ولا مما يتسق مع روح شريعته الغراء!”
“الواقع أيها الإخوان : أن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها , وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة وعلى مسئولية الحكام أمام الشعب و محاسبتهم على ما يعملون من أعمال , وبيان حدود كل سلطة من السلطات هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم .ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاماً آخر .”
“إن كثيرًا من المغالين لا يرون إلا جزءًا من الصورة، وهو تراجع مستوى حكام المسلمين عن المستوى الذي كان عليه حكام الامة في صدر الإسلام. أو الذي كان عليه الصفوة من حكام الامة على مدار التاريخ الإسلامي، وهم لا ينظرون إلى التراجع الخطير الذي حدث على المستوى الشعبي العام.”