“إنسان القرية لديه فرصة أكبر لكي يشاهد السماء المنقوشة بالنجوم، والحقول الخضراء، والزهور والأنهار والنباتات والحيوانات، فهو يعيش متصلاً بالطبيعة وعناصرها المتنوعة. ويقدم له (( الفلكلور )) الفني وطقوس الزواج والأغاني الشعبية والرقصات، نوعاً من الثقافة والخبرة الجمالية ليست معروفة لإنسان المدينة. أما الإنسان الحضري، فإنه يعيش في إطار مدينة كبيرة تغصّ بالمعارف السلبية لوسائل الإعلام الجماهيرية، ومحاطة بأشياء قبيحة من المنتجات الصناعية. أليس الحس بإيقاع الطبيعة الذي تملكه الشعوب البدائية قد ذَبُل تقريباً عند الإنسان الحديث؟ ومن أكبر الأخطاء في عصرنا شيوع فكرة أن ساكن الحضر لديه فرصٌ أكثر لممارسة الخبرة الفنية والجمالية. كأنما الحفلات الموسيقية والمتاحف والمعارض التي يتردد عليها نسبة ضئيلة جداً من سكان المدينة يمكن أن تكون تعويضاً عن النشوة الجمالية التي قد تكون لا شعورية ولكنها قوية عند إنسان القرية، الذي يستمتع بمشاهدة المنظر الرائع لشروق الشمس، وليقظة الحياة بعد انتهاء فصل الشتاء! إن غالبية سكان المدينة يمارسون أقوى مشاعر الإثارة في مباراة حامية لكرة القدم أو ملاكمة. وإجمالاً نقول: إن إنسان القرية حيّ وأصيل، أما العامل الصناعي الحضري فهو آلي وميت.”
“إن قضية الخلق هي في الحقيقة قضية الحرية الإنسانية فإذا قبلنا فكرة أن الإنسان لا حريّة له، وأن جميع أفعاله محددة سابقًا ـ إما بقوى برانية أو جوانية ـ ففي هذه الحالة لا تكون الألوهية ضرورية لتفسير الكون وفهمه، ولكن إذا سلمنا بحريَّة الإنسان ومسؤوليته عن أفعاله، فإننا بذلك نعترف بوجود الله إمّا ضمنًا وإما صراحةً، فالله وحده القادر على أن يخلق مخلوقًا حرًا فالحرية لا يمكن أن توجد إلا بفعل الخلق، الحرية ليست نتيجةُ ولا إنتاجًا للتطور ... قد يتمكن الإنسان عاجلاً أو آجلاً ..في تشييد صورة مقلدة من نفسه، هذا الشيء/المسخ لن تكون له حريَّة، إنه سيكون قادرًا على أن يعمل فقط ما تمت برمجته عليه. وهنا تتجلى عظمة الخلق الإلهي الذي لايمكن تكراره أو مقارنته بأي شيءٍ حدث من قبل أو سيحدث من بعد في هذا الكون.”
“العلم دقيق أما الفن فصادق. انظر إلى لوحة لوجه إنسان أو منظر طبيعي... كم هما صادقان؟! إن فيهما من الصدق أكثر مما في أي صورة فوتوغرافية للوجة.”
“لا يوجد في عملية الإبداع الفني مجال لفريق عمل،فكل عمل فني مرتبط على الدوام بشخصية الفنان.والعمل الفني من حيث هو إبداع،من حيث هو صناعة إنسان_ هو ثمرة للروح. ومن ثم فإنه فعل لا يتجزأ. أما العلم،فإن عمل الفريق ممكن، لأن موضوع العلم مؤلف من أجزاء وتفصيلات، لذلك فهو ملائم للتحليل والتفصيل والتقسيم.العلم جميعه_منذ بدايته إلى اليوم_ هو في الغالب استمراية آلية،يأتي اللاحق فيكمل عمل السابق.لكن هذا مستحيل في الفن. والاحتجاج بأن عمل الفريق استطاع أن يحقق نتائج باهرة في فن المعمار_كما يذهب بوهاوس وآخرون_ هذا الاحتجاج هو سوء فهم جوهري.فالبناء،كمنتج من مواد إنشائية وتكنيك، وإعداد للإستخدام،عمل مؤهل لفرق العمل.أما الأسلوب والفكرة والجوانب الفنية في المعمار،فقد كانت دائما عمل شخص واحد هو الفنان.العلم دقيق،أما الفن فصادق.انظر إلى لوحة لوجه إنسان أو لمنظر طبيعي... كم هما صادقان؟! إن فيهما من الصدق أكثر مما في أي صورة فوتوغرافية للوجه أو للمنظر الطبيعي”
“تحدث التنشئة تأثيرا لطيفا على نفس الإنسان لا يمكن قياسه ، فالتنشئة فاعلية مباشرة تدخل إلى القلب عن طريق الحب والقدوة والتسامح والعقاب بقصد إحداث نشاط جواني في نفس الإنسان. أما التدريب باعتباره حيوانيا في جوهره فهو نظام من الإجراءات والأعمال تتخذ لفرض سلوك معين على الكائن البشري ، يزعمون أنه السلوك الصحيح. التنشئة تنتمي إلى الإنسان أما التدريب فإنه مصمم من أجل الحيوانات.”
“والحضارة في خلقها الدائم لضرورات جديدة و قدرتها على فرض الحاجة على من لا حاجة له ، تعزز التبادل المادي بين الإنسان وبين الطبيعة وتغري الإنسان بالحياة البرَّانية على حساب حياته الجوانية. ((انتج لتربح واربح لتبدد)) هذه سمة في جبلة الحضارة ، أما الثقافة فتميل إلى التقليل من إحتيجات الإنسان أو الحد من درجة إشباعها ، وبهذه الطريقة توسع في آفاق الحرية الجوانية للإنسان.”
“إذا وجدنا في اكتشاف أثري حجرين موضوعين في نظام معين أو قطعا لغرض ما، فإننا جميعا نستنتج أن هذا من عمل إنسان في العهد القديم، فإذا وجدنا بالقرب من الحجر جمجمة بشرية أكثر كمالا و أكثر تعقيدا من الحجر بدرجة لا تقارن، فإن بعضا منا لن يفكر في أنها من صنع كائن واع، بل ينظرون إلى هذه الجمجمة الكاملة أو هذا الهيكل الكامل كأنهما قد نشآ بذاتهما أو بالصدفة، هكذا بدون تدخل عقل أو وعي. أليس في إنكار الناس لله هوى بيّن؟”