“لم يكن 23 يوليو ثورة. ليس لأنه كان نظاما انتقاليا فكل الثورات انتقالية. لكن الثورات، و الثورات المضادة، انتصارات لقوى على قوى أخرى، تحمل ثمارها معها من قبل أن تبدأ، تؤسس دولة و تجلب قواها الإجتماعية إلى السلطة. أما انقلاب القلة المخلصة الذي أتى كتتويج لهزيمة كل أطراف الساحة السياسية فكان إعلانا بالإفلاس السياسي، كان انتقالا ينتقل إلى نفسه، لأنه توقف، توقف أمام معضلة بناء شرعية الدولة المصرية الحديثة، أي دولة الشعب، اكتفاء بالأمل في أن يجد أثناء الانتقال جديد، بالتجربة و الخطأ.”
“؟إن التاريخ يعلمنا أن الديمقراطية إذا لم تعضدها حركة إجتماعية ثورية حقيقية يمكن أن تؤدى إلى الفاشية. وبعبارة أخرى فإن كسب الصراع من أجل الديمقراطية رهن بوجود محتوى إجتماعى للديمقراطية، بممارسة الصراع من أجل الديمقراطية بوصفه صراعا أيديولوجيا عاما وليس محض وصفة نخبوية تحتمى بها طائفة من المثقفين”
“إن جماعة الإخوان المسلمين ليست قطاعاً من هذا الشعب، ولا قطاعاً من المجتمع العربي أو العالمي، وليست من رعايا الحكومة المحلية..إنها كينونة جديدة تنشأ منفصلة عن كل التشكيلات الوطنية القومية أو العالمية، وبالتالي معنى بيعة الإخوان لمرشدهم هو أننا نقيم لنا قيادة غير قيادة الشعب وإمارته وأننا نخلع طاعتنا وولاءنا لمحكومية هذا الشعب لنسلمها إلى أميرنا”
“إن الثورة التي تصل إلى المؤسسة السياسية ولا تصل إلى المؤسسة العسكرية و الدينية والإعلامية هي ثورة مخنثة. وذلك أن المشاركين فيها اختلفت أهدافهم فلم تكن ثورة حقيقية لأن الثورات تعيد هيكلة الدولة وتثقيف الشعب ولأنها لا تكون ثورة إلا والفساد قد استشرى في كل مؤسسة فينتفض الشعب ضدها كلها. لأن الثورات لا تكون إلا بعد نفاد الصبر وفقدان الأمل. ولأننا نجحنا وبغباء في اختزال الفساد في مبارك وفلوله فقط بل واختلفنا أيضا في تحديد الفلول.”
“و ربما كانت الإيجابية الوحيدة للصراع الذي دار بين الإسلاميين و غيرهم بعد نجاح الثورة ، أنه أسهم بطريق غير مباشر في توحيد الصف الإسلامي و استمرار تماسكه ، و لكن حسم ذلك الصراع لصالح الإسلاميين هيأ الفرصة لظهور ما كان مخفيا أو منسيا بينهم من عناصر التمايز أو التناقض ، و هو أمر ليس مستغربا في تجارب الثورات ، تبدأ بخصومها ، ثم حلفائها ، ثم تدور الدائرة على صناعها ، إلى أن يستقر الأمر لفرد أو لفريق متجانس تماما في الأهداف أو الطموح.”
“و لم يكن يعي ما يفعل و لا يقدر عاقبة تصرفه، و كل ما يمكن قوله انه مسه سحر الإفتتان فأطاع وحيه و أصاخ إلى نداءه، فأنطلق يعدو إلى غايته المجهولة مدفوعا بعاطفة قهارة لا تقاوم، فقد اصابه مس من الإفتتان، و استقر الإفتتان في قلب شجاع لا يهاب الموت، جسور لا يلوي على المخاطر، فكان من الطبيعي أن ينطلق لأنه ليس من عادته أن ينكمش، و ليكن ما يكون”
“م يكن هذا القدر الهائل من الاتفاق السياسي بين قطب والضباط الأحرار سوى اتفاق في الأسلوب السلطوي، وفي رؤية إصلاحية عامة، لكنه لم يكن توافقا بشأن نمط السلطة. لذلك خاب أمل قطب في الضباط حين لم يقوموا بتوظيف "التطهير" والديكتاتورية لصالح برنامجه الإسلامي الأخلاقي، ودخلوا في مواجهة مع الإخوان بدلاً من تبني أفكارهم، ورفضوا الاستجابة لمطالبهم بتوليهم السلطة من الباطن، مما أدى إلى انصرافه عن الضباط في نهاية المطاف”