“إنني أطيل النظر في كتب السنة، معتقد أن بها كنوزا ثمينة من تراث النبوة، واستهدى فطرتي في تجنب الضعيف وقبول الصحيح، وهي فطرة صقلتها التلاوة الدائمة لكتاب الله، والحب الصادق لهذا الوحي المبارك، والدراسة الحسنة لمناهج الفقهاء الأربعة الكبار ومن يليهم من أهل الذكر وقادة الفكر.!.ومن هنا ابتعدت عن أحاديث تركها أبو حنيفة ومالك وغيرهما، وإن رواها المشتغلون بجمع الأحاديث.لقد تركها الأئمة بتلطف وأدب”
“الإنصاف يقضي علي بأن أوكد مكانة صحيح البخاري فهو بلا ريب أدق كتب السنة، ومن الإنصاف كذلك توكيد احتواء كتب السنة على آلاف الأحاديث المقبولة، بذل الأسلاف في تدوينها جهودا مضية، ولا تتم الإفادة منها إلا بتعاون الفقهاء، والمحدثين جميعا على ضبط معانيها ومغازيها.والمأساة التي نعاني منها، ونخشى بلاءها على الصحوة الإسلامية تجئ من قبل قوم يسمون أنفسهم «الأخوة أهل الحديث”
“سمعت إلى مغموصين أنكروا السنة كلها فما وجدت في سيرتهم أو منطقهم ما يستحق الاحترام، ولو ادعوا الإسلام، وكانوا من الحكام..! ولكن تراث السنة نفسه تعرض لمتاعب من مسلمين مخلصين لم يحسنوا تناوله، ولم يلتزموا الضوابط التي وضعها أئمة السنة الأولون، فكانوا للأسف بلاء على السنة وفتَّانين عن الإسلام كله، ولو لزموا موقف الأئمة الأوائل لكانوا أهدى سبيلا..”
“عيب بعض الذين يشتغلون بالحديث قصورهم في تدبر القرآن وفقه أحكامه فلم الغرور مع هذا القصور؟ ولماذا يستكثرون على غيرهم من رجال الفكر الإسلامي الرحب أن يكتشفوا علة هنا أو شذوذا هناك!.إن التعاون في ضبط التراث النبوي مطلوب، ومتن الحديث قد يتناول عقائد وعبادات ومعاملات يشتغل بها علماء المعقول والمنقول جميعا وقد يتناول الحديث شئون الدعوة والحرب والسلام، فلماذا يحرم علماء هذه الآفاق المهمة من النظر في المتون المروية؟.. وما قيمة حديث صحيح السند عليل المتن؟؟.على أن هناك آلافا من الأحاديث الخالية من العلل والشذوذ تم تسجيلها في دواوين السنة، فإذا بقى نزر يسير يتعاون في ضبطه الفقهاء والمحدثون فذلك خير وأولى..”
“وإذا كان لبعض الناس ذاكرة جيدة، وليس لهم بصيرة نيّرة، فعليهم تسليم محفوظاتهم إلى الفقهاء لينزلوها في مكانها الصحيح.. وهذا هو السر في نعيي على نفر من علماء السنة أنهم أفنوا أعمارهم في دراسة الحديث، وبقوا سطحيين في فهم القرآن الكريم.”
“إننا - نحن العرب و المسلمين - خنا ديننا خيانة فاحشة فلم نحسن النظر في شيء مع صراخ الوحي حولنا " أو لم ينظروافي ملكوت السماوات و الأرض و ما خلق الله من شيء " و كانت النتيجة أن جاء - من وراء الحدود - من استخرج النفط من أرضنا ، و اقام الجسور على إنهارنا و من صنع لنا حتى الإبرة التي نخيط بها ملابسنا”
“والذهول عن المعانى الأولية والثانوية التى نضح بها الوحى المبارك لا يتم معه ولا يصح دين. ذكر أبو داود حديثا واهيا جاء فيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قل: قل رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لاتركب لبحر إلا حاجا أو معتمرا أو غازيا فى سبيل الله فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا"هذا الحديث الضعيف المردود خدع به الامام الخطابى، وعلل النهى عن ركوب البحر بأن الآفة تسرع إلى راكبه ولا يؤمن هلاكه فى غالب الأمر ..!والكلام كله باطل، فقد قال المحققون : لابأس بالتجارة فى البحر ، وما ذكره الله تعالى فى القرآن إلا بحق. قال عز وجل :" وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون"إن الغفلة عن القرآن الكريم والقصور فى إدراك معانيه القريبة أو الدقيقة عاهة نفسية وعقلية لا يداويها إدمان القراءة فى كتب السنة، فان السنة تجيء بعد القرآن، وحسن فقهها يجيىء من حسن الفقه فى الكتاب نفسه”