“الدين، في هذا المفهوم، يتجاوز التاريخ، لأنه فيما وراء التغيير. وليس له تاريخ، ذلك لأنه هو التاريخ. ومن هنا يبدو في تناقض جوهري مع الثورة. فهذه تعد بعالم جديد، نظرياً وعملياً، فتنهي بذلك التاريخ قبلها، وتبدأ تاريخاً جديداً – أي رؤيا جديدة للعالم والإنسان. فهي تفرض أن ما تقيمه أفضل مما أزالته. وبما أن الإسلام هو خاتمة الكمال، ويستحيل وجود ما هو أكمل منه، فإنه ينفي الثورة نفياً مطلقاً. وإذا جاز الكلام عن ثورة فيه، فإنما تكون احتجاجاً على السقوط التاريخي للإنسان المسلم، ومطالبة بالعودة إلى الإسلام – النبع الأصلي. الثورة هنا تقييم لما اعوج – وترميم لما انهار وليست ابداعاً لعمل جديد. إنها حركة ضمن الثابت الكامل، من أجل أن يعرفه الذين جهلوه، ويعود إليه الذين أهملوه، وليس تجاوزاً له في اتجاه التحول، بحثاً عن رؤيا جديدة.”
“كيف حرر ديكارت الانسان من ذلك الطغيان الدينى ؟تشكك في أدوات المعرفة من حواس وعقل لأنها من الممكن أن تخدع, وتشكك في كل ما ورثه من السلف لأنه مملوء بكل ما هو غامض, ولم يبق له بعد ذلك سوي وعي لاعلاقة له بأي شئ. واستمر الحال علي هذا النحو إلي أن جاء هوسرل فانتقد ديكارت وأعلن أن الوعي هو وعي بـالظواهر والباء هنا هي همزة الوصل. ومن هنا يمكن القول إن ثورة هوسرل, في القرن العشرين, تكمن في الباء.”
“لم تكن أزمة -العبد- والسلطان فحسب سبب رفضي لـ -الإسلام التاريخي-، وإنما لأن ذلك الإسلام عيّنه كان -عبدًا- للسلطان. فكيف لي إذن أن أثق بعد ذلك بمعبده ومقولته وأحكامه وسيرته، بفقهائه وفلاسفته ومتكلميه ؟ لذا مشكلتنا الأكبر تقع ضد التاريخ، هو أننا مازلنا نعتقد بحقيقته، وأننا مازلنا نراه إسلاميًا.حقيقة أننا أصحاب تاريخ إسلامي هو أكبر -حكم مُسبق- على الإطلاق. ليس لأن التاريخ الإسلامي كذبة، وإنما لأن الدين كذبة ذلك التاريخ وبعبارة أجدى؛ ليست المسألة هو أننا ديننا كذب في تاريخه، فذلك كثيرٌ كثير .. وإنما المسألة هي أن تاريخنا كذب في دينه. ولو كان قد كذب في فنه أو حروبه أو فلسفته فلا بأس .. وهنا تكمن المشكلة .. إذ أننا نملك معبدًا يقرر الحقيقة، بينما هو لصها وناهبها وسجّانها لألف ونيف سنه وفي عين محرّابه. وكأن المعبد للأسف عاش على الكذب وليس على الصلاة. وهذا ما يقرر معنا مقولة نيتشه لاحقًا؛ ( الحقيقة وحدها هي التي ظلت إلى حد اليوم خاضعة جوهريًا للحضر ) .. فهل الدين أن تقيم صلاة في المعبد ؟ أم الدين هو أن تقيم إنسانًا في الناس ؟ هل الدين هو أن تتعلم العبودية في المعبد؟ أم الدين هو أن تتعلم الحرية ولو في الحانة ؟”
“لم تكن أزمة -العبد- والسلطان فحسب سبب رفضي لـ -الإسلام التاريخي-، وإنما لأن ذلك الإسلام عيّنه كان -عبدًا- للسلطان. فكيف لي إذن أن أثق بعد ذلك بمعبده ومقولته وأحكامه وسيرته، بفقهائه وفلاسفته ومتكلميه ؟ لذا مشكلتنا الأكبر تقع ضد التاريخ، هو أننا مازلنا نعتقد بحقيقته، وأننا مازلنا نراه إسلاميًا.حقيقة أننا أصحاب تاريخ إسلامي هو أكبر -حكم مُسبق- على الإطلاق. ليس لأن التاريخ الإسلامي كذبة، وإنما لأن الدين كذبة ذلك التاريخ وبعبارة أجدى؛ ليست المسألة هو أننا ديننا كذب في تاريخه، فذلك كثيرٌ كثير .. وإنما المسألة هي أن تاريخنا كذب في دينه. ولو كان قد كذب في فنه أو حروبه أو فلسفته فلا بأس .. وهنا تكمن المشكلة .. إذ أننا نملك معبدًا يقرر الحقيقة، بينما هو لصها وناهبها وسجّانها لألف ونيف سنه وفي عين محرّابه. وكأن المعبد للأسف عاش على الكذب وليس على الصلاة. وهذا ما يقرر معنا مقولة نيتشه لاحقًا؛ ( الحقيقة وحدها هي التي ظلت إلى حد اليوم خاضعة جوهريًا للحضر ) .. فهل الدين أن تقيم صلاة في المعبد ؟ أم الدين هو أن تقيم إنسانًا في الناس ؟”
“المفهوم لديّ من الأصالة هو البعد التاريخي؛ وأما المعاصرة فهي الامتداد لـهذا البعد التاريخي، وهناك اتجاهان في هذه المعاصرة: الانقطاع عن البعد التاريخي، أو الاستفادة منه ليكون القاعدة للانطلاق، وما أدعو إليه هو الاتجاه الثاني، أن تكون معاصرتنا امتداداً لأصالتنا.”
“يخيل لي أن ابن سبأ الذي ينسب إليه تحريك الثورة كان وهماً من الأوهام كما قال الدكتور طه حسين ويبدو أن هذه الشخصية العجيبة اخترعت اختراعاً , وقد اخترعها أولئك الأغنياء الذين كانت الثورة موجهة ضدهم , وهذا هو شأن الطبقات المترفة في كل مرحلة من مراحل التاريخ إزاء من يثور عليهم فكل انتفاضة اجتماعية يعزوها أعداؤها إلى تأثير أجنبي”