“الدين، في هذا المفهوم، يتجاوز التاريخ، لأنه فيما وراء التغيير. وليس له تاريخ، ذلك لأنه هو التاريخ. ومن هنا يبدو في تناقض جوهري مع الثورة. فهذه تعد بعالم جديد، نظرياً وعملياً، فتنهي بذلك التاريخ قبلها، وتبدأ تاريخاً جديداً – أي رؤيا جديدة للعالم والإنسان. فهي تفرض أن ما تقيمه أفضل مما أزالته. وبما أن الإسلام هو خاتمة الكمال، ويستحيل وجود ما هو أكمل منه، فإنه ينفي الثورة نفياً مطلقاً. وإذا جاز الكلام عن ثورة فيه، فإنما تكون احتجاجاً على السقوط التاريخي للإنسان المسلم، ومطالبة بالعودة إلى الإسلام – النبع الأصلي. الثورة هنا تقييم لما اعوج – وترميم لما انهار وليست ابداعاً لعمل جديد. إنها حركة ضمن الثابت الكامل، من أجل أن يعرفه الذين جهلوه، ويعود إليه الذين أهملوه، وليس تجاوزاً له في اتجاه التحول، بحثاً عن رؤيا جديدة.”

أدونيس

Explore This Quote Further

Quote by أدونيس: “الدين، في هذا المفهوم، يتجاوز التاريخ، لأنه فيما… - Image 1

Similar quotes

“فهذا النّص الثاني( التأويل القرآني السائد ) يؤول الحداثة على أنها خروج على النص الأول ( القرآن والسنة ) ، بينما هي في الحقيقة خروج على النص الثاني نفسه ، بحيث تجعل منه نصاً لايُلزم أحداً ، اليوم ، وتحاول أن تقرأ النص الأول قراءتها الخاصة ، وتؤوله تأويلها الخاص ، فالحداثة ليست ، في الأساس ، مواجهة للنص الأول ، وإنما هي مواجهة للنص الثاني . إنها ترفض أن يُحصر النص الأول ، في تأويل واحد ، تخطّاه الزمن وتخطّته المشكلات التي يواجهها المجتمع العربيّ - الإسلامي . وهي ترى ، تبعاً لذلك ، أن هذا التأويل السائد قيّد الحقيقة مخضعاً إياها لفهم أصحابه ، وهو في هذا يقيّد النص القرآني ذاته . هكذا ، بدلاً من أن يبقى النص القرآني ، كما هو بدئياً ، نصاً مفتوحاً على الواقع والعالم والإنسان ، تحول إلى نص لامدخل إليه ولا معيا لما يحتويه إلا ذلك التأويل السائد . لقد أصبح النص القرآني نفسه مغلقاً وتابعاً هو نفسه لهذا التأويل . الحقيقة في هذا النص ، لكن هذا التأويل هو ، وحده ، الذي يعرفها ، ويدل عليها . إن في هذا ، أخيراً ، ما يناقض النص القرآني ذاته - بوصفه كلاماً إلهياً ،وبوصف الكلام الإلهي مما وراء الطبيعة والإنسان ، أي بوصفه نصاً مفتوحاً بلا نهاية .”


“الثورة ليست أن تطيح بنظام لكي تقيم مكانه نظاماً آخر ، وإنما هي أن تلغي النظام من حيث هو قانونٌ - أي من حيث هو أداة القمع ورمزه ، وسيلته وتسويغه ، ومن حيث أنه يحول بين الإنسان وبين أن يخلق نفسه , وهي جديرة بأن تنبّهنا كذلك إلى أن الثّائر يخلق الوسيلة ، وينسى إجمالاً أن يخلق نفسه .فأنت لاتتغيّر إذا اختلفتَ عن الآخر، وإنما يجب أيضاً أن تختلف عن نفسك ، يجب بتعبير آخر ، لكي تكون نفسك باستمرار ، أن تختلف عن نفسك باستمرار . ذلك أن التحرر ليس مجرّد انتصار ، وإنما هو أولا ودائماً انعتاق . التحرر ليس امتلاكاً . إنه كالضوء ، والضوء لايملك ، وإنما يشعّ”


“كيف حرر ديكارت الانسان من ذلك الطغيان الدينى ؟تشكك في أدوات المعرفة من حواس وعقل لأنها من الممكن أن تخدع, وتشكك في كل ما ورثه من السلف لأنه مملوء بكل ما هو غامض, ولم يبق له بعد ذلك سوي وعي لاعلاقة له بأي شئ. واستمر الحال علي هذا النحو إلي أن جاء هوسرل فانتقد ديكارت وأعلن أن الوعي هو وعي بـالظواهر والباء هنا هي همزة الوصل. ومن هنا يمكن القول إن ثورة هوسرل, في القرن العشرين, تكمن في الباء.”


“تقضي أوضاعنا، نحن العرب والمسلمين، بعامة، أن يكون الدين عندنا انفتاحا كاملا على تجدد العالم، وتغير الأشياء، وأن يكون المؤمنون وأهل الدين، تبعا لذلك، (ورشات) عمل في فقه التحليل، من أجل استيعاب هذا التجدد وهذا التغير في لغاتهما، الثقافية والمادية العديدة والمتنوعة.لكن العكس هو الحاصل. فليس هناك غير (ورشات) العمل في فقه التحريم.في كل حال ومهما كان تعليل الفقهاء، لا يخدم فقه التحريم إلا ما يحصر الدين في إطار ضيق، وما يحصر الإنسان والفكر، تبعا لذلك، في عالم ضيق.كل عالم ضيق اليوم، هو عالم ثانوي. كل ثانوي، هامشي لا شأن له، ولا فعل. كل ما لا شأن له ولا فعل، لا حاجة كيانية له. كل ما لا حاجة كيانية له، مهدد بأن ينقرض.”


“لم تكن أزمة -العبد- والسلطان فحسب سبب رفضي لـ -الإسلام التاريخي-، وإنما لأن ذلك الإسلام عيّنه كان -عبدًا- للسلطان. فكيف لي إذن أن أثق بعد ذلك بمعبده ومقولته وأحكامه وسيرته، بفقهائه وفلاسفته ومتكلميه ؟ لذا مشكلتنا الأكبر تقع ضد التاريخ، هو أننا مازلنا نعتقد بحقيقته، وأننا مازلنا نراه إسلاميًا.حقيقة أننا أصحاب تاريخ إسلامي هو أكبر -حكم مُسبق- على الإطلاق. ليس لأن التاريخ الإسلامي كذبة، وإنما لأن الدين كذبة ذلك التاريخ وبعبارة أجدى؛ ليست المسألة هو أننا ديننا كذب في تاريخه، فذلك كثيرٌ كثير .. وإنما المسألة هي أن تاريخنا كذب في دينه. ولو كان قد كذب في فنه أو حروبه أو فلسفته فلا بأس .. وهنا تكمن المشكلة .. إذ أننا نملك معبدًا يقرر الحقيقة، بينما هو لصها وناهبها وسجّانها لألف ونيف سنه وفي عين محرّابه. وكأن المعبد للأسف عاش على الكذب وليس على الصلاة. وهذا ما يقرر معنا مقولة نيتشه لاحقًا؛ ( الحقيقة وحدها هي التي ظلت إلى حد اليوم خاضعة جوهريًا للحضر ) .. فهل الدين أن تقيم صلاة في المعبد ؟ أم الدين هو أن تقيم إنسانًا في الناس ؟ هل الدين هو أن تتعلم العبودية في المعبد؟ أم الدين هو أن تتعلم الحرية ولو في الحانة ؟”


“هكذا تعمل هذه الأيديولوجيات ، على أن تلغي من مشكلات الإنسان العربي كل ما يختزن أبعاداً مشكلية ، أي كل ما يكشف عنه بشكل أعمق وأشمل ، فلا تبقي منها إلا ما يظهره كائناً مسطحاً - يكتفي بأن يأكل وينام . كأنها في ذلك تطمح إلى أن ترث السلفي ، وأن تحل محله : ترث (( الإنائية )) الواضحة ، حيث المعرفة إناء جاهز ، وليس لك ، أنت ياطالب المعرفة ، لكي تعرف وتتقدم ،إلا أن تجلس خاشعاً أمامه ، تتملاه وتغرف منه ما تشاء . وسترى حينذاك أن لكل سؤال جوابه الجاهز ، الكامل ، بل لن تجد أيّ سؤال تسأله ، لأن المشكلات والأشياء كلها ، موضحة بشكل يقيني ونهائي .. وهاهي أمامك تسبح في ماء هذا الإناء .”