“لكن الجسد الذي يثقل الروح ويعذبها في سجنه يصبح هو ذاته شرطا لتحررها. وهي بحاجة اليه كما هو بحاجة اليها, والخلاص لهذه الامة الصوفية الفظيعة التي لا تكف عن استعادة بكارتها وفقدانها, في تاريخ آخر, هو دون شك ما وراء التاريخ الراهن: تاريخ الايديولوجية.”

برهان غليون

Explore This Quote Further

Quote by برهان غليون: “لكن الجسد الذي يثقل الروح ويعذبها في سجنه يصبح ه… - Image 1

Similar quotes

“كان وراء المسلمين تاريخ ما زال حيا في الاذهان شديد الاختلاف عن التاريخ الحديث الغربي الذي دخلوا فيه دون ايه فكرة سابقة او معرفة بقوانينه ووقائعه ومسائله الاساسية. وفي الوقت الذي كانوا يؤكدون فيه على هويتهم الاسلامية لخوض الصراع ضد الاجنبي كانوا ينكرونها في الممارسة العملية ويفقدون الثقة بها ويعظمون في سرهم منجزات وثقافات وذاتيات الشعوب الغربية المسيطرة.”


“علة هذه النظريات }التي تركز على الإرث الثقافي والديني والبنى الأنثروبولوجية- في تفسير الإستبداد{ أنها تمزج بين موقفين: تفسير الواقع الحاضر من خلال مفاتيح الماضي، وبالتالي الإعتراف المسبق وغير المقبول، بإستمرار الماضي في الحاضر، وغلبته؛ والاعتقاد في الوقت نفسه أن الواقع المادي والموضوعي، أي التاريخي، ينبع مباشرة من الرؤى والقيم والاعتقادات الذهنية. (.....).ولا يعني هذا أن العقائد والقيم والثقافات لا تلعب دوراً كبيراً في التاريخ. بل ليس من الممكن تصور الطفرات التاريخية والثورات الكبرى من دون تطورات فكرية وطفرات روحية مسبقة. لكن هذه الطفرات الروحية والفكرية نفسها لا تتم في الفراغ. بل إن جميع الأفكار والعقائد لا تمارس القدر نفسه من التأثير، ولا تمارس التأثير ذاته في كل الحقب والأوضاع. إن التحولات العميقة، ذات الزمانية الطويلة لا ترتبط بالثقافة والتحولات الذهنية، وإن كان لهذه التحولات دور كبير في الزمانية القصيرة. إن تاريخ المجتمعات، ونظمها أيضاً، هي، كما ذكرنا، محصلة إلتقاء عوامل متعددة، داخلية وخارجية، ذاتية وموضوعية، وقائعية وتاريخية.ص 11-12”


“الطائفية هي التعبير السياسي عن المجتمع العصبوي الذي يعاني من نقص الاندماج الذاتي والانصهار, حيث تعيش الجماعات المختلفة بجوار بعضها البعض لكنها تظل ضعيفة التبادل والتواصل فيما بينها. وهي تشكل الى حد ما الطريقة الخاصة بالتواصل الذي هو في ذاته نوع من التواصل الصراعي, في هذا المجتمع المتحلل والفاقد ليس فقط للصعيد الموحد السياسي او الاديولوجي او الاقتصادي ولكن ايضا لكل اجماع على اي مستوى من مستويات البنية الاجتماعية.”


“في النظام القديم كان تناوب الشيعية والسنية, والمعتزلية والاشعرية, ثم الضغط الدائم للمذاهب الصوفية الشعبية وللحركات الباطنية يعكس حيوية النظام السياسي الاسلامي باكثر مما يعكس القمع والتعصب الدينيين. ولم يكف هذا النظام عن عكس الحركة الداخلية السياسية الا مع الانتصار النهائي للسنية العثمانية في معظم الاقطار الاسلامية والعربية. لكن هذا الانتصار لم يستطع مع ذلك ان يختم سلسلة النضال الداخلي الا لأن الإسلام كدولة وحضارة كان قد بدأ يتراجع.عندئذ بدأت حركة الانغلاق الذاتي والفكري. وهذا هو الامر الذي قاد فيما بعد الى انفجار الدولة العثمانية التي عجزت في نهاية القرن الثامن عشر عن ان تبث في النظام السياسي الحيوية التي كان بحاجة اليها.وفي كل مرة كان ينتصر فيها احد الاتجاهات كان يفرض على الاتجاه المعارض تسوية تضعه في موضع الاقلية المشروعة. ولم تكن المعارضة مقبولة اذن الا ضمن نطاق الارض المنزوعة السلاح للمجتمع المدني, وفي حدود استبعادها من السلطة.”


“بقدر ما خلقت الدولة الحديثة الجنسية اغلبية اجتماعية مستبعدة من السلطة, دفعت هذه الاغلبية الى البحث عن وحدتها خارج الدولة الحديثة, اي في الدين. ولاول مرة في التاريخ تظهر اليوم امكانية نشوء دولة جنسية (قومية) اسلامية. اول مرة لان الدولة الاسلامية القديمة كانت في الواقع دولة امبراطورية تجمع مختلف الاجناس وكان الاجماع الديني وسيلة لتحقيق اجماع سياسي, اما الآن فان الاجماع السياسي ووحدة فئات وطبقات الامة هو الذي يفرض نفسه كقاعدة للاجماع الديني, اي لتحقيق الهوية الثقافية وصيانتها. الشرعية الحقيقية الاساسية لهذه الدولة هي اذن في معاداتها للتغريب وللنفوذ الاجنبي وضياع الهوية, وهذا ما يجعلها تفقد القدرة على بناء هوية جديدة, اي واقعة اجتماعية جديدة لا يمكن تحقيقها الا في اخضاع الماهية للوجود, وبلورة اجماع سياسي. وما دام من غير الممكن الوصول الى هذا الاجماع فان اثارة مسألة الاقليات الدينية لا بد وان تتدعم بمسألة الاقليات الاقوامية ايضا. ان ما سيميز المرحلة القادمة هو فقدان الاجماع الثقافي والسياسي معا, وهذا يعني قدوم مرحلة من الصراع الاجتماعي والثقافي والسياسي العنيف والدائم حتى تخرج الى الوجود حقيقة جديدة: نمط جديد لتنظيم العلاقات الاجتماعية ولتوزيع الثروة.”


“الجماعة تتكون من قوى اجتماعية وسياسية وثقافية متعددة ومتعارضة بالضرورة والا لما كان هناك حاجة لا للسياسة ولا الثقافة. وبقدر ما تستطيع الجماعة ان تجد حلولا للتناقضات التي تختمر في حجرها, تستطيع ان تقيم وحدتها السياسية والثقافية. لكن هذه الحلول ليست متماثلة دائما. فيمكن لوحدة الجماعة ان تستند الى غلبة فئة على الفئات الاخرى. واكثر الاشكال تجسيدا لذلك هو الحكم الاجنبي. وآلية الاستعمار الاجنبي والاستعمار الداخلي واحدة في الحقيقة. الا ان هذه الوحدة المفروضة بالغلبة لا تستطيع ان تقاوم المعارضة الداخلية الى ما لا نهاية, واذا حدث ونجحت في مقاومتها هذه فرضت على الجماعة التقهقر الكامل والفناء. والجماعة التي تستطيع ان تقيم وحدتها على اجماع قومي يعكس قبول الاغلبية للسلطة القائمة وانتمائها الطوعي للقيم الثقافية السائدة هي التي تتحول الى امة, حيث تتوثق وتتعمق روابط الجماعة السياسية والثقافية ويتغلب عامل التضامن والتكاتف الداخلي على عامل التفرقة والانقسام والمواجهة. وجوهر هذا الاجماع ثقافيا كان ام سياسيا هو اشراك الاغلبية في السلطة, اي في صياغة القرارات التي تتعلق بمصلحة الجماعة ككل. ويزول الاجماع بزوال المشاركة وبظهور الاستبعاد الثقافي او السياسي. ونوع هذا الاستبعاد للفئات المكونة للجماعة هو الذي يحدد شكل الاستبعاد القائم.”