“الفئة المسيطرة تمارس صنوفاً من الضغط والارهاب المعيشى على المتعلمين الذين يحلمون بالتغيير . كما أنها تشجع على انتشار الخرافات ، واستمرار النظرة التقليدية المتخلفة إلى الوجود . وتستخدم هذه النظرة فى تكوين رأى عام مستعد لمقاومة دعاة التطوير . وهكذا يعانى المتعلم فى العالم المتخلف من استمرار الذهنية اللاعلمية لتضافر عدة أسباب :شدة غرس التفكير والمعاش الخرافى فى ذهنه منذ الطفولة ، سطحية التعليم وعدم مكاملته فى الشخصية ، لبعده عن تناول القضايا الحياتية والاجتماعية ، الانفصام بين العلم النظرى والتجربة المعاشة ، الخوف من التصدى للتيارات السائدة ( الخوف من الاتهام بالالحاد ) حفاظاً على لقمة العيش فى مجتمع قامع لا يضمن حرية الفكر ولا يؤمّن للانسان غده .وهكذا تسد السبل على أكثر من صعيد أمام تجاوز تخلف الذهنية والارتقاء بها إلى المنهجية العلمية المضبوطة .”
“وآفة هذه القوانين أنها لم تُسن لمنع الجريمة أن تقع، ولكن للعقاب عليها بعد وقوعها”
“الوجود المتخلف معاش وجدانياً أكثر مما هو مصوغ ومنظم عقلياً . فبينما نرى طغيان العقلانية والحياد الانفعالي على أسلوب مجابهة الواقع والتصدي لمشكلاته في البلاد الصناعية ، نلاحظ أن إنسان العالم المتخلف يرزح تحت عبء انفعالاته التي تفيض على العالم ، ملونة إياه بصبغة ذاتية واضحة . العالم وقضاياه تعاش من خلال الذات ، من خلال قوالب التفكير المنطقي ، ولذلك فإن درجة الموضوعية تنحسر في معظم الأحيان كي تتلاشى كلياً في حالات خاصة ، وبالتحديد في أوقات الشدة .وبينما تتطلب وضعيات الحياة الصعبة مزيداً من الموضوعية والعقلانية كي يمكن مجابهتها بدرجة معقولة من الفعالية ، نجد الإنسان المتخلف يغرق في تلك اللحظات بالذات في تيار جارف من الانفعالات ، يجعله يفقد السيطرة على الواقع ، ويدفع به إلى الارتماء في التفكير الخرافي والسحري والغيبي ، كوسيلة وحيدة متبقية للخلاص من المأزق .”
“الإنسان المتخلف المقهور يؤمن أشد الإيمان بما يتناقض مع مصلحته وحاجته إلى الانطلاق ,يؤمن بالتربية والحظوظ الدنيوية وتفاوتها.فالناس درجات ومقامات وليس لمغبون أن يعترض على ما يلحق به من حيف ,أو يتطاول كي يأمل في مساواة مع الفئة المحظوظة.عليه أن يتقبل وضعية الاستغلال الذي يلحق به,وأن يعترف بسيادة المتسلط.ليس له أن يطالب بمساواة,بل كل ما يمكن أن يطمح إليه هو الأمل في فضل يتفضل به عليه ذوو الحظوظ.كل ذالك يعطي المتسلط مشروعية تصل حد التقديس,يحرص عليها هذا الأخير ويعززها بجميع الوسائل .”
“الجن والعفاريت والشيطان ,كلها كائنات خفية,لعبت دوراً بارزاً في السيطرة على خيال الجماهير المقهورة,وتعليلها للأحداث التي تفلت من سيطرتها والتي يستعصي عليها تفسيرها.كما أنها قد استخدمت, ومازالت,بكثرة لتبرير ما يود الإنسان التستر عليه من فضيحة, أو عيب ,أو تقصير بزعم الوقوع تحت تأثير الجن,مما يساعده على الحفاظ على سمعته .”
“قصور التفكير الجدلي هو لب الذهنية المتخلفة, فهي جامدة قطعّية وحيدة الجانب، تتبع مبدأ السببية الميكانيكية، عاجزة عن العمل تبعاً لمبدأ التناقض. ويلاحظ هذا القصور في مختلف النشاطات وعلى مختلف الأصعدة ومختلف مستويات المسؤولية”