“لقد كانت هذه السياسة التي سار عليها علي صلى الله عليه وسلم في الخوارج تمثل تعاليم الإسلام المنزل بأوضح صورها وأعدلها، حيث ضمن لمخالفيه في الرأي – مع تطرفهم وغلوهم- الحرية العقائدية والفكرية والسياسية والحقوق المالية ، فلم يقاتلهم إلا دفعاً لعدوانهم ومنعاً لفسادهم ، لا لفساد آرائهم وتطرفهم أو معارضتهم له في الرأي؛ لعلمه رضي الله عنه أن الدين الذي جاء بمبدأ : لا إكراه في الدين فلم يضق ذرعاً بوجود أديان أخرى في ظل عدل الإسلام لا يمكن أن يضيق ذرعاً من باب أولى بالخلاف بالرأي بين أهل الدين الواحد فيما تأولوا فيه وهذا مقتضى القياس الجلي الذي هو أصح أنواع القياس”
“للإنسان الحق في الانتماء إلى أي حزب أو جماعة شاء فإذا جاز لغير المسلم الانتماء للأديان الأخرى والاحتكام إلى شرائعها الخاصة ورؤسائها في ظل الشريعة الإسلامية فالإنتماء إلى الجماعات الفكرية والسياسية جائز من باب أولى ، ولهذا السبب لم يعترض عثمان ولا علي رضي الله عنهما على الانتماءات للجماعات الفكرية أو السياسية كالخوارج إذ لم ير علي رضي الله عنه أن له حقاً في منعهم من مثل هذا الانتماء مالم يخرجوا على الدولة بالقوة لوضوح مبدأ : لا إكراه في الدين والمقصود بالجواز والحق هنا الجواز والحق القضائي الذي لا تستطيع السلطة مصادرته لا الجواز ديانة وإفتاءً إذ يحرم الانتماء للخوارج وفرق أهل البدع ، إلا أن الصحابة لم يكونوا ليروا عليهم سبيلأً في منعهم من هذا الانتماء لقوله تعالى : (لا إكراه في الدين) ولإجماع الصحابة رضي الله عنهم على عدم التعرض للخوارج مالم يصولوا على الناس بالسيف.فلا يحق للسلطة أن تخضع الأفراد لطاعتها بالقوة والإكراه ولا أن تلزمهم برأي أو وجهة نظر بل للإنسان الحرية في أن يؤمن أو لا يؤمن : ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( أفأنت تكره الناس حتى يكونون مؤمنين ) وله الحرية في اتباع دينه الذي يدين به ( لكم دينكم ولي دين )”
“قال مالك بن أنس رضي الله عنه: كل ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناً لا يكون بعده ديناً، فإن الله تعالى أكمل لنا الدين بنص كتابه قبل أن يقبضه إليه”
“أن تعبد الله مخلصاً له الدين, وهي المتلازمة الثلاثية التي تفسر معنى الإخلاص ومن ثم معنى النية, لا في الصلاة فقط, ولكن في الحياة كلها, أن تعبده مخلصاً له الدين, يعني أن رؤيتك للحياة تتطابق- أو تحاول أن تتطابق- مع سلوكك وعملك فيهما, وأن الدين لا يسكن على رفوف الكتب أو في رأسك فقط, بل مكانه الحقيقي يجب أن يكون فيما تفعله, وما تنتجه .. في أن تؤدي ما خلقت من أجله, على هذه الأرض ..”
“لكنّ الشيء الأساسي الذي لا مراء فيه هو أن الحاكم المسلم – بأي لقب سمّى نفسه أو سماه الناس – لا يستطيع، و لا يؤذن له، أن يتحرر من سلطان الدين الذي يدين به هو و المجتمع الذي بايعه رئيساً عليه، ليس لأن الحكومة في هذا الدين (تيوقراطية)، إمامُها خليفة الله على الأرض يستر إرادته المستبدة وراء عصمته المزعومة، و لكن لأن عقيدة مجتمعه دين يجمع في آن واحد بين طرفي الدنيا و الآخرية في وحدة مثالية كبرى لا تقبل التجزئة و التحليل.”
“الأمر الذي لا شك فيه أنني في حياتي لم يأتِ إليَّ شك في الله، وإذا كنت قد بدأت أفهم الدين فهما خاصا في وقت المراهقة، فإنني قد فهمت الإسلام على حقيقته تماما بعد ذلك. بل أعتقد جازما وحازما أنه لا نهضة حقيقية في بلد إسلامي إلا من خلال الإسلام.”