“أنا من المؤمنين بأن النقاش كثيرًا ما يتحول إلى جدل، والجدل بطبيعته يعتمد على براعة لفظية وبراعة فكرية ليس لها علاقة بجوهر الموضوع. بعبارة أخرى: إذا أتيت بإنسان بارع في الجدل وأعطيته أي قضية -ولو كانت ضعيفة- قد يستطيع عن طريق براعته الجدلية أن يحولها إلى قضية ناجحة. والجدل يفوز به الأكثر حدة في اللسان والأبرع في استخدام الفكاهة والأقدر على وضع خصمه في مصيدة لفظية، أو جدلية.”
“العقل نوعان: عقل مجرد مستقل، وعقل مستنير مسترشد، فالعقل المجرد ذاتي التفكير، مستقل في إصدار أحكامه، لا دليل له على صدق فروضه إلا ما كان صادراً منه، ولا حجة له في قضاياه إلا مقاييسه، ولا سند له في براهينه إلا ذاته، فهو الدعوى والحجة، وهو الحَكم والخصم، وهو انطلاق بلا نهاية، وتحليق بلا حدود، وما توصل إلى قضية إلا لينبعث منها إلى أخرى غيرها، وأورد على اللاحقة ما أورده على السابقة. وهكذا يسير في متاهات من السفسطة والجدل، ترجع على بعضها في النهاية بالهدم والإبطال، وتتردد بين الشك واليقين، فينقلب استقلاله إلى ضلال.”
“تمرّ على الإنسان أحدثا قد لا يجد لها معنى. وتمرّ أحداث يكون المعنى فيها واضحا. و في أحيان أخرى تمرّ على الإنسان أحداث قد تبدو في الوهلة الأولى أن ليس لها معنى، و لكن سرعان ما ينجلي عنها معانٍ و معانٍ كفيلة بأن تغيّر مسار حياته إلى الأبد”
“تصبح القضية بذلك ليس تفضيل الحب على الزواج أو الزواج على الحب، و هما بنيتان مترابطتان، بل كيف نحول علاقة الذكر بالأنثى إلى علاقة بين فردين سويين يتعاونان في حرية على الوصول إلى السعادة عن طريق ترجمة إمكانياتهما الحقيقية إلى واقع حي”
“الانتصار في معركة، والحصول على مكسب وقتي، والوصول إلى السلطة... هذه كلها ليست هي قضية التاريخ، ولا معركة التقدم البشري... بل هي عمومًا ليست من عوامل تحريك التاريخ إلى الأمام أو الخلف على نحو واضح وضخم... إن الانتصار في معركة قد لا يعني الهزيمة الحقيقية للأعداء، فحين لا تتوافر العوامل الحقيقية للنصر يصبح أي نصر مرحلي عملية تضليل، واستمرارًا للسير الخطأ، وتماديًا في طريق الوصول إلى الهزيمة الحقيقية. هكذا سار التاريخ في مراحل كثيرة من تطوراته: كان النصر بداية الهزيمة، وكانت الهزيمة بداية للنصر!وحين يصل إنسان ما إلى الحكم دون أن يكون مُعدًا إعدادًا حقيقيًا للقيادة، ودون أن يكون في مستوى أمته، يكون وصوله على هذا النحو هو المسمار الأخير الذي يُدق في نعش حياته وحياة الممثِّل لهم!”
“إن العيب ليس في منهج التفكير الفلسفي ، ولكن في قدرة الإنسان على أن يعلن تراجعه عن قناعاته ، إذا وصل به التفكير إلى تناقضات لا يمكن الجمع بينها”