“من ظن أن اسم الوطن و مصلحة البلد و ما شاكل ذلك من الألفاظ الطنانة يقوم مقام الدين في إنهاض الهمم وسوقها إلى الغايات المطلوبة منها فقد ضل سواء السبيل”
“و هناك أمر آخر كنت من دعاته و الناس جميعا في عمى عنه و بعد عن تعلقه و لكنه هو الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، و ما أصابهم الوهن و الضعف و الذل إلا بخلو مجتمعهم منه ، و ذلك هو : التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب ، و ما للشعب من حق العدالة على الحكومة ... أن الحاكم و إن وجبت طاعته فهو من البشر الذين يخطئون و تغلبهم شهواتهم ، و أنه لا يرده عن خطأه و لا يوقف طغيان شهوته إلا نصح الأمة له بالقول و الفعل. جهرنا بهذا القول و الاستبداد في عنفوانه ، و الظلم قابض على صولجانه ، و يد الظالم من حديد ، و الناس كلهم عبيد له أي عبيد”
“و زد على ذلك اكبر بدعة عرضت على نفوس المسلمين و هد بدعة الياس من انفسهم و من دينهم, و ظنهم ان فساد العامة لا دواء له, و ان ما نزل بهم من ضر لا كاشف له, و انه لا يمر عليهم يوم الا و الثانى شر منه. مرض سرى فى انفسهم و علة تمكنت من قلوبهم, لتركهم المقطوع به من كتاب ربهم و سنة نبيهم, و تعلقهم بما لم يصح من الاخبار او خطئهم فى فهم ما صح منها, و تلك علة من اشد العلل فتكا بالأرواح و العقول و كفى فى شناعتها قول جل شانه(إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ (إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ”
“وا أسفاه , لم يبق للمسلمين من هذا الدين إلا الثقة فيه , أما الدين نفسه فقد انقلب فى عقل المسلم وضعه , و تغيَّر فى مداركه طبعه , و تبدلت فى فهمه حقيقته , و انطمست فى نظره طريقته , و حقَّ فيه قول على كرم الله وجهه : إن هؤلاء القوم قد لبسوا الدين كما يُلبَس الفرو مقلوباً”
“و الحاصل أن الفكر الصحيح يوجد بالشجاعة و هي ههنا قسمان: شجاعة في رفع القيد الذي هو التقليد الأعمى و شجاعة في وضع القيد الذي هو الميزان الصحيح الذي لا ينبغي أن يقرر رأي و لا فكر إلا بعد ما يوزن به و يظهر رجحانه، و بهذا يكون الإنسان حرا خالصا من رق الأغيار، عبدا للحق وحده”
“لم يزرأ الإسلام بأعظم مما ابتدعه المنتسبون إليه و ما أحدثه الغلاة من المفتريات عليه ، فذلك مما جلب الفساد على عقوا المسلمين و أساء ظنون غيرهم فيما بني عليه الدين”
“وأما حصول المنفعة المقصودة من الشورى في بلادنا فلأن انتخاب النواب قد تم على وجه يضمن حصولها , ويكفل تحققها , إذ لا يخلو المنتحبون من أن يكون غالبهم من أهل الدراية والمعرفة و أرباب النظر والفكر الذين يعرفون ما هي الشورى وما المقصود منها وما هى المنفعة للبلاد , وما هو الطريق الموصل إليها .”