“والله حبه الأول والوحيد الذى أضاعه فى الزحام حينما نزل إلى عالم الشتات ومضى يتلفت تتخطفه أضواء الفترينات وتشده الفتن من ذراعيه وتهوى به أطماعه إلى الحضيض وتكبه الشهوات على وجهه حيوانا يلهث”
“فى عالم كهذا..من الغريب ألا تشكر الضحية قاتلها باعتباره ذلك المنقذ الذى قدم لها تذكرة سفر أبدية إلى مكان آخر!”
“إلى متى نداوم على هذا الإنكسار؟ إلى متى نمضغه مع كل ضوء من أضواء الفجر؟ كلما فتح الصباح عينيه تذكرت انكسارنا...”
“حينما أرغب فى التطلع إلى وجهى انظر إلى المرآه...وحينما أرغب فى التطلع إلى نفسى أنظر فى عين حبيبتى...”
“ظلمو الإسلام حينما حينما قدموه إلى الناس قوالب صخرية مجمدة, وحينما إمتدت عبادة نصوص القرآن والسنة إلى عبادة نصوص الفقهاء. ومدارس عبادة النصوص هذه ظلمتنا عندما حاولت أن ترسخ فى أعماقنا أن الدين هدف لاوسيلة , وأن الإنسان للدين وليس الدين هو الذى جاء من أجل الإنسان”
“تراتب البنية الاجتماعية السياسية المعرفية أشبه بتراتب جسم الإنسان عند أفلاطون، أعلاه الرأس الذى يحيط بالعقل الذى هو أشرف مكونات الجسم، ويليه الصدر فى التراتب الهابط، حيث القوة الغضبية فى الجسم، ويوازيها حراس الجمهورية، وأدنى من الصدر ما يليه، إلى أدنى الأدنى، حيث القوة الشهوانية الحيوانية المقترنة بكل الصفات السلبية، خصوصاً من حيث نقيض الرأس (العقل) الأعلى. والتراتب الطبقى شبيه بهذه البنية، صارمة التدرج إلى أعلى أو إلى أدنى عند أفلاطون، وهى كذلك فى ثقافة التخلف التى تبرر التراتب الطبقى بتأويلات دينية، تهدف إلى إضافة القداسة على هذا التراتب الذى لا ينبغى للإنسان تغييره، بل الرضا به، والعمل بما قسمه الله الذى جعله فى هذا الوضع أو ذاك.ولا غرابة أن يتصف الإنسان فى هذا التراتب القسرى، بصفة الجبر بمعناه الكلامى الفلسفى، وهو المعنى الذى ينفى عن الإنسان حرية الإرادة وحق الاختيار، فهو لا يشاء إلا بما شاء الله، وعليه الرضا بما هو مقسوم له، وما تقرر له حتى من قبل أن يوجد. ولا فارق كبيراً بين الإنسان المجبور والإنسان الاتَّباعى داخل بنية التراتب المفروضة، فالإنسان المجبور إنسان مقهور لا يملك القدرة على المبادرة الخلاقة، أو الفعل الجذرى، أو الاختيار الحر، فهو إنسان يسلم نفسه إلى الأقدار وولاة الأمر، ابتداء من الأسرة التى هى الوحدة الاجتماعية الصغرى، وانتهاء بالنخبة الحاكمة، عسكرياً أو مدنياً أو طائفياً أو قَبَلياً، فهو إنسان مبرمج على الاستسلام لقوى بشرية وغير بشرية يراها أعظم منه،كما يرى نفسه أضعف من أن يقاومها أو يخرج عليها، فلا يملك من أمر نفسه إلا ما يجعله الوجه الإنسانى للزمن المنحدر عن نقطة الابتداء فى الماضى الذى يتحول المستقبل إلى عود إليه، ولا يفارق هذا الإنسان دوائر الطاعة والتصديق فى كل مجال، والرضا بما يأتى به القضاء والقدر دون مقاومة أو تمرد، فالمقاومة كالتمرد خروج عن الناموس الإلهى والاجتماعى والسياسى فى آن. وطاعة هذا الله فيما قدّر على هذا الإنسان ويسّره له هى الموازى الدينى الذى تتأكد به طاعة السلطان وإن جار، والأساس الذى ينبنى عليه البعد السياسى الذى يدفع الإنسان إلى اتَّباع كل ما يتمسح فى الدين، أى دين، أو ينطق باسمه. وتعنى صرامة التراتب، من هذا المنظور القمعى، أمرين متلازمين: أولهما؛ غياب الحوار المجتمعى بين الفئات المتباعدة، المحصورة فى مداراتها المغلقة، وذلكم بما يؤدى إلى الانفجار والعنف فى حالات عديدة، نتيجة انعدام التواصل أو التفاعل أو الحراك. وثانيهما؛ وجود ثنائيات قائمة على التضاد الذى يعلو فيها الطرف الأول ليهيمن على الطرف الثانى فى كل الأحوال. هكذا يعلو فيها الأكبر سناً بالقياس إلى الأصغر، فالأول كنز للتجارب المختزنة، والحكمة التى لا يعرفها هوج الشباب، ويتميز الذكر عن الأنثى، والأصيل على الوافد، والقديم على الجديد، والثبات على الحركة، والنخبة على الجمهور، وعلم الخاصة المضنون به على غير أهله من الصفوة على معارف العامة التى لا وزن لها مثلهم فى المرتبة الاجتماعية الموازية للمرتبة المعرفية. وأضف إلى ذلك الأحرار مقابل العبيد والموالى فى المجتمعات القديمة، والبيض على السود، والأغنياء على الفقراء، حيث مجتمع اللامساواة الذى يحدد قيمة المرء بما يملك، أو ينتسب إليه أسرياً أو طائفياً أو قبلياً، غاضاً البصر عن أصل الثروة.”