“إن من الثقافات ما نعده ترفا عقليا ويكون حسب القرائ منه أن يقف هذا الموقف...أما إذا تعلق الأمر بحقيقة دين كالإسلام ومستقبل أمة زحمت التاريخ وشغلته قديما وحديثا كالمسلمين فالأمر أخطر مما نتصور!هو عندئذ ضرورة مادية وأدبية تجعل من القرائ شريكا للمؤلف، وتحشدهما معا لخدمة قضية مشتركة، يتقاسمان جميعا أعباءها وتبعاتها!!فلعل الذين يقرأون معي، يقومون بهذا الحق ويمدون شعاع الفكرة ويشاركون في إبلاغها الغاية؟”
“الدعاء، في جوهره، هو أكبر وأعمق من مجرد أن يكون عندك طلبٌ ما، منه عز وجل..الدعاء في جوهره، هو أن عندك قضية. لديك دعوة ما. لديك هدف. لديك ما يملأ عليك حياتك لدرجة أنك تطلب منه عز وجل أن يعينك فيها..وهي ليست أي قضية.. إنها ليست قضية فحسب..بل هي قضية خير حصراً..إنها الانحياز إلى جانب محدد في الصراع الدائر في هذا العالم.. بل إن الأمر حتى أكبر من ذلك..إنه أن تكون أنت حامل هذه الدعوة، حامل هذه القضية، أنت المنادي بها..وهي قضية خير دايم، لا انفكاك عن الخير فيها..تعبر عنها من خلال "الصلاة"..لعله من نافلة القول هنا، أن إقامة الصلاة، بهذا المعنى، ستعني إقامة الخير، إنجازه وتحقيقه على هذه الأرض..والإقامة هنا، تعني تحقيق تلك الدعوة، تحويلها من "دعاء" إلى واقع..”
“الآلام أنواع : فهناك آلام تخفض قيمتنا أو تنقص قدرنا ، كالجوع مثلا ؛ فالناس تحب أن تصدقنا في ما يتعلق بهذا النوع من الآلام ، ليجعلوا من أنفسهم محسنين إلينا بعد ذلك. أما إذا كان الألم أرفع من هذا درجة أو درجتين ، إذا كان ألما نحتمله في النضال من اجل فكرة مثلا ، فإن الناس يرفضون أن يصدقوه، باستثناء قلة قليلة. وهم لا يصدقونه لأنهم حين نظروا إلى صاحبه رأوا أن رأسه ليس ذلك الرأس الذي لابد أن يكون في نظرهم رأس من يتألم في سبيل قضية رفيعة تلك الرفعة كلها. وهم عندئذ يأبون أن يتعاطفوا معه أي تعاطف؛ دون أن يكون في موقفهم هذا شيء من روح الشر على كل حال”
“أنت تريد أن تحكى عن المقابل الآن! من هو الذي رتب لكم عالمكم على أساس أن السعادة تقف مقابل الشقاء وأن الجزاء يقف مقابل العمل؟ من هو هذا؟ إن كل شيء في العالم يقف في صف واحد، لا شيء مطلقاً يقف مقابل الشيء الآخر.. هل تفهم؟ إن يومك ، بكل ما فيه ، هو التعويض الوحيد لذاته”
“نظر المُبجَّل نسطور في عينيّ بعينين يملؤها الأسى، وقال ما معناه: هل فيما أقرؤه أيُّ شيءٍ عجيب؟ أم أن العجب مما يقوله كيرُلّس وأشياعه؟ يا هيبا، إن الخطر أهم وأبعد من لفظة «ثيوتوكوس» التي يتسلّى الجهلةُ والعوامُ بترديدها. إن الأمر يتعلق بحقيقة الإيمان، وبقدرة هذا الدين على مخاطبةِ قلب الإنسان وعقله في كل زمانٍ ومكان. إن والثنيين يهزأون من إسرافنا في الخرافة، وسيأتي من بعد هؤلاء المستهزئين بنا مستهزؤون منّا، يسخرون من تلك الأوهام، ويحاولون طرحها، فيطرحون الديانة بجملتها.”
“لهذا من الممكن أن نتصور رجل دين لاأخلاق له وبالعكس، فالدين هو نوع من المعرفة والأخلاق هو كيفية الحياة وفقا لهذه المعرفة”