“تلك الليلة التي قضاها إبراهيم متقلباً حائراً على فراش التساؤلات المزدحمة كانت ليلة طويلة جداً، و لم تنته عندما أشرقت الشمس، إذ ظل حائراً يبحث فيها عن ربه... لكنها انتهت عندما أشرق العقل في داخله. عندما وجد الإجابة عن تساؤلاته فيه. عندما وجد أن الجسر نحو الخلاص موجود في أعماقه، فقط عليه أن يخطو نحوه الخطوة الأولى، متحرراً من كل الأحكام التقليدية و النظرة المسبقة و التقاليد البالية - المسيطرة لأنها تنتمي للأولين.”
“يمكن للصلاة عندما تكون حقا صلاة , أن تكون خبزنا , لأنها ستعلمنا كيف نكون ناضجين بما فيه الكفاية لنصنع خبزنا بأنفسنا , الصلاة هي خبزنا الحقيقي لأنها ستجعلنا راشدين بما فيه الكفاية لنزرع قمحنا و نسقيه و نرعاه و من ثم نحصده لنطحنه و نأكل خبزنا من صنع أيدينا.”
“علي أن أقر، أني لم أكن أفهم الحكمة من ذلك النهي النبوي الشريف عن إغماض العينين في الصلاة..عدم فهم الحكمة لا يعني قطعا، و لا بأي شكل من الأشكال، عدم الإلتزام بهذا النهي و التقيد به.. لكني أقر، أني لم أكن أفهم فحواه، فإغماض العينين، يساعد على التركيز، على التأمل، و كلها مقدمات طبيعية لما نوليه أهمية كبيرة -عن حق-: الخشوع.. كان هناك النهي.. و يكون هناك الإلتزام.. و ربما عندما تنتأمل في الأمر نجد تلك الحكمة..الآن أفهم تلك الحكمة، الراسية مثل جذور جبل شامخ في الأرض، فإغماض العينين، و لو بينة الخشوع و التأمل، يتيح لك الدخول في عالم اإفتراضي، عالم خارج واقعك المحسوس.. يتيح لك فرصة الهرب من العالم المحيط بك.. بكل ما فيه مما يستدعي الهروب..إغماض العينين ينمنحك ذلك و لو لدقائق.. و لو بنية التركيز و التأمل.. و لو من أجل الخشوع..لكن لا!الصلاة، أبدا ليست من أجل الهروب من العالم، ليست من أجل التسلل من هذا الواقع..إنها على العكس، من أجل الولوج فيه.. من أجل اقتحامه.. إنها من أجل مواجهته بكل ما فيه”
“وبقيت دمعة امي حزينة و صامتة لا تهبط إلا عندما أنام أو بالأحرى عندما أتظاهر بالنوم، فتنزل من خدها على خدي..دمعة واحدة تخبرني بدلاً من آلاف الكلمات كم تحبني.”
“كنت دوماً أجد أنه من المؤلم أن الناس لا يصلون..خصوصاً عندما كنت أجدهم أشخاصاً طيبين.. أشخاصاً ذوي معدن أصيل.. يتصرفون بنبل و شهامة, و مع ذلك لا يصلون..”
“الإهتداء, يعتمد على وجود الرغبه الجاده لشخصٍ ما, أن يصل للحق و الحقيقه.. إنه بإختصار جاد في ذلك, مستعد لتقبل الحقيقه و إن كانت خارجه عن نمط حياته المعتاد و بيئته المحيطه به”
“عندما تخرج من (الآن وهنا)، ستكف التفاصيل عن إلحاحها، وتعود إلى حجمها الطبيعي -وكانت تبدو كبيرة جداً عندما كانت داخل قفص (الآن وهنا)- سترى الصورة، عندما استطعت أن تلحظها من بعيد، خارج القفص، صارت أكثر وضوحاً، وقد كنت ترى الأمور مشوشة بسبب قربك الزائد..عندما تتسلل من رؤيتك الحبيسة داخل الزمن العابر، سترى بوضوح أكبر كيف يسير الأمر حقاً، سترى الدول التي كنت تراها عظمى داخل قفك، ستراها وهي تحبو وقد نشأت للتو، وسترى دولاً أخرى، لا تكاد تراها مهمة اليوم، وهي (عظمى) و(امبراطوريات) تتصارع فيما بينها على القارات ومقدرات الشعوب.... سترى دولاً تنشأ، وتزدهر، ثم تذبل، وتنهار، وتحل محلها دول أخرى تمر بالدورة نفسها، نشوءاً وازدهاراً، ذبولاً، وانهياراً..(...)سوف تنمو لديك (حاسة تاريخية) تخرج بها من قفص زمانك العابر والقصير، وتمدك عبر الزمان والمكان، لتجعلك ترى بشكل أوضح، وتمنحك رؤية أكثر شولية. سترى كيف أن ما يبدو أنه فردي، وعابر، يمكن أن يؤثر في الجميع فيما بعد، سوف ترى كيف أن الانهيار، يكون مسبوقاً بأفراد يقدمون شهواتهم أو حرياتهم الشخصية أو فرديتهم أو أياً من الشعارات الآنية العابرة على حقوق أممهم، ومجتمعاتهم.. سوف تجعلك حاستك التاريخية لا تنبهر بالزهو والازدهار والبريق الذي يخطف العيون، فأنت تعرف أن كل ذلك آني وعابر، وأنه تكرر عبر التاريخ كله..”