“أنت شاعر يا مولاي ، وقلب الشاعر مرآة تتراءى فيها صور الكائنات صغيرها وكبيرها ، ودقيقها وجليلها ، فإن أعوزتك السعادة ففتش عنها في أعمق قلبك ، فقلبك الصورة الصغرى للعالم الأكبر وما فيه .السماء جميلة ، والشاعر هو الذي يستطيع أن يدرك سر جمالها ، ويخترق بنظراته أديمها الأزرق الصافي فيرى في ذلك العالم العلوي النائي ما لا تراه عين ، ولا يمتد إليه نظر .والبحر عظيم ، والشاعر هو الذي يشعر بعظمته وجلاله ، ويرى في صفحته الرجراجة المترجحة صور الأمم التي طواها ، والمدن التي محاها ، والدول التي أبادها ، وهو باقٍ على صورته لا يتغير ولا يتبدل ، ولا يبلى على العصور والأيام .والليل موحش ، والشاعر هو الذي يسمع في سكونه وهدوئه أنين الباكين ، وزفرات المتألمين ، وأصوات الدعاء المتصاعدة إلى آفاق السماء ، ويرى صور الأحلام الطائفة بمضاجع النائمين ، وخيالات السعادة والشقاء الهائمة في رءوس المجدودين والحدودين .”
“الوطن ليس رئيس الجمهورية، وليس الحكومة، وليس الغيلان السياسيين ولا الجلادين، ولا المنفيين ولا المفقودين، ولا الخونة ولا الإرهابيين.. الوطن هو ما نتنفسه وما نستشعره، هو الأعشاب التي نمشي عليها والعصافير التي توقظنا في الصباح، والمطر الذي يباغتنا على غير موعد، والتحايا البسيطة التي لا نستوعب قيمتها إلا متأخرين”
“و العالم الذي نراه ليس هو العالم الحقيقي، إنما هو عالم اصطلاحي بحت نعيش فيه متعلقين في الرموز الذي خلقها عقلنا ليدلنا على الأشياء التي لا يعرف ماهية أو كنها”
“في السجود سر عظيم لا تحتمله العبارات ، إنما يدرك بالذوق ، ولست من أصحاب الذوق ولا المواجيد ، كل ما أملكه هو حسن الظن بالله الذي ملأ قلبي واستبد بكياني!”
“والشاعر بودلير يقول : الشقاء هو أن تجد ما اعتدت عليه. والسعادة أن تبحث عن الذي لا تعرفه. فإذا عرفته، فالسعادة مرة أخرى أن تلوذ بشيء آخر بعد ذلك.. موجه وراء موجه في بحر لا نهاية له!”
“حينما نفكر في مستقبل العالم، فنحن نعني الغاية التي سيصلها إذا ماواصل السير في الإتجاه الذي نراه يسير فيه الأن، ولا يخطر لنا أن مساره ليس خطا مستفيما، بل هو منحنى، يغير على الدوام من اتجاهه.”