“إن الدولة العثمانية قد عرفت الطباعة العربية قبل مصر، ولكن حصيلة إنتاج المطابع فى تركيا خلال قرن من الزمان - وهو مقياس لا ينكر صدقه على حيوية الحركة الفكرية وجديتها وخصوبتها - إن حصيلة هذه المطابع خلال قرن (من 1728 حتى 1830م) لم تتعد الأربعين كتاباً، بينما أعطى الطهطاوى والحركة الثقافية التى أنشأها ورعاها للأمة أكثر من ألفى كتاب خلال أقل من الأربعين عاماً؟! ولا تسل عن النوعية التى تفرق بين ما طبع فى الآستانة وما طبع فى القاهرة، فالأول كان تكريساً للتخلف وإشاعة للخرافة ومزيداً من محاولات تعويق التقدم، أما الثانى فكان الأساس المتين والخلاق لبناء عصر التنوير والبعث والإحياء.”
“اذا رغب فى أن يصير مدمنا سواء من خلال الجنس أم من خلال أى وسيلة أخرى , فهو حر , لأن عواقب افعاله ستكون مرتبطة بالخيارات التى سيتخذها . لكن اذا رغب أحد فى أن يسير دما فى الحياة ويرتقى , فعليه أن يدرك الفرق بين ما هو جيد , وما هو أفضل”
“إن هذه الملايين من البشر المهجورين المطرودين من وليمة الحياة، يتزاحمون ويتصادمون فى ظلمات الأقبية التى دفعهم إليها إخواتهم الكبار، فهم يقرعون بالتلمس بابا ما، ويبحثون عن مخرج ما، حتى لا يختنقوا فى الكهف المظلم”
“الكتل الدولية، فى كل فترة من الفترات، لو استقرأنا ذلك نلمح بأن الله سبحانه وتعالى لم يسلط على البشرية ظالما واحدا إلا كان هناك ظالم يواجهه ويدافعه.. فمن خلال الخصومات العالمية، والظلم العالمى، والمواجهات العالمية، يمكن أن تفسح فرج إذا أحسنا التعامل بما أسميناه: سنة المدافعة.. هذا معنى جديد، ومعنى صحيح، ويستطيع الإسلاميون فى هذا العصر أن يستغلوا ما بين الجبهات المتصارعة فى العالم من فروق ومن نقائض اجتماعية وسياسية لكى يظفروا بحق الحياة أولا، ولكى يعرضوا أيضا ما عندهم، ويعرف ما فيه من خير.. وأخيرا، لكى يستطيعوا أن يستردوا ما فقدوا من مساحة مكانية فى الاستعمار، وما أصابهم من نكبات اجتماعية وسياسية كثيرة فى الهزائم التى لحقت بهم، ويستعيدوا ما فاتهم.. ممكن من خلال هذا كله.. لكن هذا يحتاج فعلا إلى أن الذى يحسن الاستغلال يجمع بين أمرين : بين الإخلاص العميق للعقيدة والمبدأ، والذكاء العميق أيضا الذى يستطيع به أن يفتق الحيل حتى يصل إلى ما يريد.. وإلا فى عصر الأذكياء، لا يستطيع التعامل مع سنة المدافعة أصلا، وإذا لم يكن على هذا القدر من الذكاء. هذا صحيح، وأخشى أن أقول إن غيرنا طبق هذا. ولعل اليهود استطاعوا أن يستفيدوا من سنة المدافعة أكثر منا..”
“الحرية الحقيقية تحتمل ابداء كل رأى ونشر كل مذهب وترويج كل فكر. فى البلاد الحرة قد يجاهر الانسان بأن لا وطن له. ويطعن على شرائع قومه وآدابهم وعاداتهم ويهزأ بالمبادئ التى تقوم عليها حياتهم العائلية والإجتماعية، يقول ويكتب ما شاء الله فى ذلك ولا يفكر أحد- ولو كان من الد خصومه فى الرأى- أن ينقص شيئا من احترامه لشخصه، متى كان قوله صادرا عن نية حسنة واعتقاد صحيح. كم من الزمن يمر على مصر قبل أن تبلغ هذه الدرجة من الحرية؟”
“عندما كان تاريخ الإسلام سنين عددا ٬ كان الصحابة يروون لأولادهم مغازى رسول الله صلى الله عليه وسلم ٬ وعلاقة هذه الأمة بغيرها. فلما طال التاريخ وجد نفر من الرجال قد يروون الجد والهزل ٬ وقد يعقبون بعبرقليلة أو لا يعقبون.ثم عجز التاريخ عن ملاحقة التحرك الإسلامى ٬ ثم عجز أقبح العجز عنلفت الأنظار إلى غارات العدو على هذه الأمة. فإذا “الفليبين” مثلا تضيع منا فى صمت وهذا العنوان جلبته الصليبية الغازية ل...شرق العالم الإسلامى ٬ ووضعته على مجموعة الجزر القريبة من إندونيسيا. وكانت هذه الجزر إسلامية مائة فى المائة ٬ ثم أخذ الغزو النصرانى يلح عليها ٬ ويتغلغل فيها قرنا بعد قرن حتى وضع عليها اسم `فيليب الثانى` ملك إسبانيا فأصبحت ` الفليبينومضى التنصير فى طريقه الدامى.. ومنذ قرن كان المسلمون نصف السكان وهم الآن خمس السكانوالمراد الإجهاز عليهم واستئصال بقيتهم.ماذا كان يصنع الترك والعرب خلال هذه الحقب المشئومة؟ أين كتاب التاريخ والمعلقون على أحداثه الكبرى؟!لقد سكتوا كما سكت إخوان لهم من قبل وبعد كارثة الأندلس.. كأن ضياع الأندلس سقوط بضعة دريهمات من جيب ثرى متلاف..!”