“ولكني اكتشفت أنها الوحيدة التي تشبهني. كانت بلهاء، طيعة، يكفيها من الأرض الجزء الذي تقف عليه، ومن الجبل الصورة التي تراها، ومن الليل الطويل مجرد حلم عابر. لم يكن لنا معا إلا الخداع، وكنا نتشبث به في قوة.”
“لكننا كنا نكره الحرث والغرس، نكره الانحناء لأي سبب ولأي كائن ما كان، لكن فلاحي الوادي لم يغفروا لنا كرهنا للزراعة كانوا يعتقدون أنها السر الأعظم للحياة، وكنا نعتقد أنها نوع من العبودية.فالأرض تربطك بذات المكان وتحرمك من فضاء التمرد وتجعلك صابرا وخانعا، تتحمل جور الطبيعة والبشر الذين يحكمون الأرض من حولك.”
“تكاثرت الأشياء التي تسقط و لم يبق لنا إلا الغضب .. أحاول أن أنفس عن غضبي في الكلمات .. نستبدل بالموت الغضب لعله يكون هو الإنقاذ الأخير”
“كانت هي التي تردد الكلمات هذه المرة: زوَّجتك كل خلية من خلايا جسدي. كل ارتجافة من رغبتي ومن توقي. هربت منهم إليك، ونفذت من الطين إلى رقائق جسدك. فهل أنا بذرة؟ أم سم ناقع؟”
“ليس لك من الأرض إلا ما يشغله جسدك، ولا من الطعام إلا ما يسد رمقك، ومن المتاع إلا ما لبست فأبليت، ولا تدري نفس ماذا تفعل غدا، ولا تدري نفس بأي أرض تموت !”
“إنهم يقيمون لنا المدن في الأماكن التي لا نحبها، ويختارون لنا نمط الحياة الذي نكرهه، ويدفعون لنا أجرا مضاعفا حتى ننام أكثر ونفكر أقل ونكف نهائيا عن الاعتراض.”
“أخذ (كثير) يهذي، و(عزة) كانت جالسة في خيمة بعيدة بينهما صحراوات مقفرة، وحبال محبة متقطعة. كانت ترب اللبن في زق من الجلد، وتفصل عنه السمن، وتغسل ملابس زوجها، وتعاني من اضطرابات الهضم التي تصاحب الحمل. يسألونها عن الأشعار التي قالها (كثير) فيها فتكتشف أنها نسيت معظمها. كان الحب إغماءة قصيرة تبعتها يقظة قاسية. تدخل على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فيهتف مدهوشا: أنت عزة كثير؟! ما الذي أعجبه منك؟! فترد على الفور: أعجبه مني ما أعجب المسلمين منك حين صيروك خليفة!”