“ثم جاءت مرحلة الاستقلال و لم يتغير الأمر كثيرا إذ جاءت نخب علمانية محلية صعدت عملية تفكيك أوصال المجتمع بالقضاء على البقية الباقية من الجماعات المدنية و زادت هيمنة الدولة " القومية" و سطوتها و سطوة مؤسساتها الأمنية ،فهي نخب متغربة منفصلة تماما عن شعوبها و عن خطابها الحضاري ، و قد أسست هذه النخب نظما استبدادية فاسدة قامت باستغلال شعوبها و استمرت في عملية العلمنة دون تحديث .. و قد تم كل هذا بتأييد دول الغرب العلماينة الديمقراطية”
“و قد كانت البنات قبل أن تولدى أنت , و أولد أنا .. يعشن وراء المشربيات .. و لكن هذه المشربيات لم تحمهن من الخطيئة .. و لم تهذب عواطفهن .. كن ينظرن من خلال ثقوب المشربية و يلوحن لأى عابر سبيل .. و لما عجز المجتمع عن حمايتهن , وجد أن الحل الوحيد هو القضاء على المشربيات , و منح البنات حق النظر من خلال الشبابيك .. ثم حق الوقوف فى الشرفات .. ثم حق الخروج إلى الشارع .. و فى كل خطوة من هذه الخطوات , كانت الأخطاء تقل و العاطفة تترقى و تتهذب .. و السعادة تدخل البيوت”
“... و لعل انفراط عقد القومية العربية في الآونة الأخيرة هو ذاته تعبير عن تزايد معدلات الاستنارة و العلمنة و العولمة في محيطنا العربي, بحيث يقوم كل فرد بطرح فرديته و هويته جانبا, كما تترك الأمم خصوصيتها, و تتجاوز كل القيم الرومانسية الخاصة بالشخصية القومية لتدخل عالم العمومية الرائع الرهيب الأملس, و هذا هو المدخل الذي أدي الي غزة و أريحا, و هذا هو الطريق الذي سيجعل من بلادنا نسخة باهتة من سنغافورة, حيث الأوطان فنادق, و المنازل بوتيكات, و الفردوس هو سوبرماركت ضخم يحوي كل السلع الضرورية و التافهة !”
“لا فائدة، نحن ضحايا و مذنبون معاً، ضحايا لهذا الزمن و لهذه الظروف و ضحايا لتربية شديدة المثالية تلقيناها و لأوهام شدية القوة عشناها، و مذنبون لأننا صدقناها و لم نتمكن من الخروج من أسرها، و الآن أعلم علم اليقين أن الوقت قد حان كى اتوقف عن التصديق و عن الاتباع و أن ادرك أن كل هذ الحلم هو محاولة يائسة. و لكنى لا استطيع التوقف عن التصديق و الاتباع دون أن اموت من الملل و الاكتئاب، و من ثم فإن الخيار الحقيقى هو بين الوهم أو الموت، و ذلك قاع المأساة.”
“و الخطيئة المنكرة التي عرف بها قوم لوط ( و قد كانوا يسكنون عدة قرى في وادي الأردن) هش الشذوذ الجنسي بإتيان الذكور، و ترك النساء. و هو انحراف في الفطرة شنيع. فقد برأ الله الذكر و الأنثى؛ و فطر كلاً منهما على الميل إلى صاحبه لتحقيق حكمته و مشيئته في امتداد الحياة عن طريق النسل، الذي يتم باجتماع الذكر و الأنثى. فكان هذا الميل طرفاً من الناموس الكوني العام، الذي يجعل كل من في الكون و كل ما في الكون في حالة تناسق و تعاون على إنفاذ المشيئة المدبرة لهذا الوجود. فأما إتيان الذكور الذكور فلا يرمي إلى هدف، و لا يحقق غاية، و لا يتمشى مع فطرة هذا الكون و قانونه. و عجيب أن يجد فيه أحد لذة. و اللذة التي يجدها الذكر و الأنثى في التقائهما إن هي إلا وسيلة الفطرة لتحقيق المشيئة. فالانحراف عن ناموس الكون واضح في فعل قوم لوط. و من ثم لم يكن بد أن يرجعوا عن هذا الانحراف أو أن يهلكوا، لخروجهم من ركب الحياة، و من موكب الفطرة، و لتعريهم من حكمة وجودهم، و هي امتداد الحياة بهم عن طريق التزاوج و التوالد.”
“كأن الرياض , عندما بدأت الحب , كانت صفحة من الطين الازب , و أنا وقعتُ فوقه بكل بصماتي , و أخطائي , و أسمائي , و رغباتي و حاجاتي العاطفية , ثم جاءت الشمس لتجفف هذا الطين الكثير , و تحفظ آثاري فوقه إلى الأبد , و تحيل الرياض برمتها , إلى منحوته هائلة , تشهد ضدي على كل ما فعلته , و تذكرني به , في الشوارع , و الأزقة , و الفنادق , و المطاعم , و السيارات”