“جاءني شخص في المنام ومد لي يده بعلبة من العاج قائلا :تقبل الهديةولما صحوت وجدت العلبة على الوسادةفتحتها ذاهلا ، فوجدت لؤلؤة في حجم البندقةبين الحين والحين أعرضها على صديق أو خبير وأسأله :ما رأيك في هذه اللؤلؤة الفريدة؟ -: فيهز الرجل رأسه ويقول ضاحكا -.. أي لؤلؤة .. العلبة فارغة -و لم أجد حتى الساعة من يصدقني -و لكن اليأس لم يعرف سبيله إلى قلبي -”
“لدى الكاتب دوماً رغبة في تعليب الجمال، هذه هي حرفته، ينقض على الجمال الطازج ليعيد تعبئته في قصيدة أو قصة ليس لها تاريخ صلاحية محدد، فالسحر يكمن في قدرة هذه العلبة على تحدي الزمن. وكأنها بلورة سحرية كل من نظر إليها عايش ذات الجمال وإن فصلته عنه أزمنة و عوالم.”
“فوجئ صديقي بما سمع ، فلم يُعِر أي اهتمام ، بما بدا على صاحبه من علامات الاستخفاف ، كان يعرف أن صاحبه ليس ممن جعلوا من الثقافة ملح خبزهم اليومي ، رغم ما يظهره أحيانا من اهتمام بالثقافة . لكنه لم يعرف ، أن صاحبه تجاوز كل أشكال الانتماء القومي الإنساني ، و صار من غلاة اللامنتمين ، و أدار ظهره للماضي ، بعد أن أصبحت المادة قبلته الوحيدة ، و لم يعرف أيضا أن الإنسان في المجتمع الاستهلاكي ، يمكن أن يتحول إلى مجرد كائن حي ، لا يرى في الحياة سوى أيام تتعاقب ، يأكل فيها و يشرب ، و يمارس بعض ألعاب التسلية في الأماسي ، و ينام مع الأحلام ، التي تصور له أن العبقرية فقط في مدى الإيمان بمبدأ - الوسيلة تبرر الغاية - و الالتزام به فكرا و ممارسة ، حتى و لو كان الارتقاء الشكلي على حساب آلام الأهل ، و لم يعرف أيضا أن بروتوس موجود في كل مكان و زمان و بأشكال مختلفة . ”
“إنني أشد الناس رثاء للكتاب و الشعراء و الأدباء و أصحاب الفن الجميل عامة .. فحظوظهم سيئة في حياتهم وقلما ينصفهم التاريخ بعد مماتهم فهم يثيرون في نفوس الأحياء أنواعا من الحقد و ضروبا من الضغينة .. هذا ينفس عليهم لأنه لم يوفق إلى حظهم من الإجادة و لم يظفر بمثل ما ظفروا به من إعجاب الناس و كان خليقا أو كان يجد في نفسه خليقا بالإجادة و الإعجاب . و هذا يتنكر لهم لأن الحسد قد ركب في طبعه و لأن غريزته قد فطرت على الشر و حب الأذى . و هذا يتنقصهم لأنه لم يفهمهم أو لم يذقهم و لأن فنهم لم يقع من قلبه موقع الرضىو لم ينزل من نفسه منزل الموافقة.”
“يومان ما قبل عامي الجديد . . أتممت سلسلة تصحيح الأخطاء التي ارتكبتها في حق الآخرين بعضهم غفر ، و البعض الآخر رحلت مراكبهم بلا عودة . . إلى حيث اللا مكان .. !أن مايو لا يبدو أفضل من إبريل .. بكثير لم يترك على بابي زهرة وردية ولا حتى ذكرى جميلة . . يبدو بعض الرحيل لا يغتفر ..! بعض الصمت موجع .. بعض السهر مقلق .. بعض الصبر قاتل ..! في هذه الساعة المتأخرة من الذكرى و بعد أن ختمت الحلقة الأخيرة من السلسلة .. و على عتبات كتاب و اختبار يرفضني و أرفضه و ليل لا يساعد أبدا على المذاكرة أظنني قد احتضن الوسادة و أبكي ..!”
“أنت لم تقل لي و لكني أشعر بك من عينيك ، تتساءل عن هذه المرأة التي تصرّ على أن تبقى طفلة ملتصقة بك . السن هو ما نشعر به في الاعماق و ليست السنوات الزمنية .”