“كما أنًّ السماء في ظلمة الليل تختلف إليها النجوم فتُضيء صفحتها وتمر بها الشهب فتلمع في أرجائها، حتى إذا طلعت الشمس من مشرقها محا ضوؤها ضوء جميع تلك النيّرات؛ كذلك القلب الإنساني لا تزال تمر به مختلف العواطف وأشتات الأهواء مجتمعة ومتفرقة حتى إذا بلغ وأشرقت عليه شمس الحب غربت بجانبها جميع تلك العواطف والأهواء.”
“أن التربية العلميّة كالتربية الجسميّة، فكما أن الطفل لا ينمو جسمه ولا ينشط، ولا تتبسَّط أعضاؤه، ولا تنتشر القوة في أعصابه إلّا إذا نشأ في لهوه ولعبه وقذفه ووثبه، كذلك الكاتب لا تنمو مَلكَةُ الفصاحةِ في لسانه، ولا تأخذ مكانها من نفسه إلّا إذا ملك الحريّة في التصرُّف والافتنان والذهاب في مذاهب القول ومَناحيه كما بشاء وحيث يشاء، دون أن يسيطرَ عليه في ذلك مسيطر إلّا طبعُه وسَجِيَّته .”
“الوطنية لا تزال عملًا من الأعمال الشريفة المقدّسة حتى تخرج عن حدود الإنسانية, فإذا هي خيالات باطلة وأوهام كاذبة, والدين لا يزال غريزةً من غرائز الخير المؤثرة في صلاح النفوس وهداها حتى يتمرّد على الإنسانية وينابذها, فإذا هو شعبة من شعب الجنون.”
“وكذلكـ يعبث الدهر بالانسان ما يعبث، ويذيقه ما يذيقه من صنوف الشقاء وألوان الآلام حتى اذا علم انه قد أوحشه وأرابه وملأ قلبه غيظا وحنقا، أطلع له في تلكـ السماء المظلمة المدلهمه بارقة واحدة من بوارق الأمل الكاذب، فاسترده بها إلى حظيرته راضيا مغتبطاً كما تقاد السائمة (( الماشية المتروكة في المرعى )) البلهاء بأعواد الكلأ إلى مصرعها، فما أسعد الدهر بالانسان وما أشقى الانسان به..”
“البدر لا يطلع إلا إذا شقَّ رداء الليل, والفجر لا يدرج إلا من مهد الظلام”
“* ان الامي يا ابت عظيمه جدا لا تحتملها نفس بشريه في العالم , و لكن يهونها علي انني اموت من اجلك و في سبيل مجدك و شرفك.* اجرمت الى الوطن فانتقمت له منك, و اجرمت الى الطبيعه فمن العدل ان تنتقم لنفسها مني , فما ظلم احد منا صاحبه و لا اعتدى عليه.*الحب شقاء كله , و اشقى المحبين جميعا اولئك الذين يحبون بلا امل و لا رجاء.* من اداب الحكماء و اقوالهم:ان كواكب السماء و نجومها تشهد بين يدي الله على جميع جرائم البشر التي ليس لها شهود”
“فإنّ للمدنيّة شقاءً كشقاء الهمجيّة لا يختلف عنه إلّا في لونه وصبغته. فإنّ وقوف الإنسان في وسط ذلك المُزدَحم الهائل بين الجواذب المتخلفة، والدّوافع المتعدّدة، وحيرة عقله بين مختلف المذاهب والشّيع والآراء والأفكار يحاول كلٌّ منها أن يجذبه إليه ويسيطر عليه، ويستأثر به، وهو فيما بينها كالرّيشة الطّائرة في مهاب الرّياح لا تستقرّ في قرار ولا تهبط في مهبط، متعبةٌ عقليّةٌ لا قِبَلَ له باحتمالها، ولو أنّه كان أسيرًا في قوم متوحّشين، وقد شدّه آسروه إلى جذع من جذوع النّخل، وأخذ كلّ منهم بعضوٍ من أعضائه يجذبه جذبًا شديدًا ليمزّقوه إربًا إربًا، لكان ذلك أهون عليه من هذه الحالة الّتي لا يستطيع أن يتمتّع فيها بهدوئه النّفسيّ وسكونه الفكريّ كما تتمتّع السّائمةُ على وجهها في مسارحها ومرابعها، فلا يجد له بُدًّا من الفرار بنفسه إلّا حيث يجد نفسه ويظفر كيانه، ولا سبيل له إلى وجدان نفسه والعثور بها إلّا في مثل هذه الصّخرة النّائية المنقطعة الّتي يستطيع أن يجمع في ظلالها ما تفرّق من أمره، وتبعثر من قوّته، ويصغيَ في وسط ذلك السّكون والهدوء إلى صوت قلبه حين يحدّثه أصدق الأحاديث وأجملها عن الخالق والمخلوق، والحياة والموت، والبقاء والفناء، وطبيعة الكون وأسرار الخليقة، فيشعر بالرّاحة بعد ذلك العناء الكثير والكدّ الطّويل كالسّيل المتحدّر من أعالي الجبال، لا يزال يحمل في طريقه الأقذاء والأكدار، فإذا بلغ الحضيض استحال إلى بركة هادئة ساكنة يتلألأ في صفحتها الصّقيلة اللّامعة جمال السّماء وبهجة الملأ الأعلى.”