“الحيوانات كالناس، اختلفت طباعها. كنا نعرف الكلاب تطارد القطط كأنها ستفتك بها، فتفرُّ منها مذعورةً. واليوم أرى القطط تمرُّ بجانب الكلاب آمنةً. وقد كَفَّتْ هي الأخرى عن صيد الفئران، وصارت تنظر إليها من بعيد نظرةَ المندهش الشبعان.”
“وتذكرت ساعتها بلادي الأولى حيث الكلاب هناك بائسة..والإنسان!”
“كانت عيناه تدمعان من أجل كلب !!تعجبت من غرابة هذا العالم الجديد ، وتذكرت ساعتها بلادي الأولى حيث الكلاب هناك بائسة.. والناس.”
“ها هنا نقطة دقيقة قلما انتبه إليها الدارسون والمؤرخون، بل لم أجد واحداً قد نبه إليها، على الرغم من أهميتها. وهى ارتباط الاتجاهات المسماة هرطوقية، بالعمل العلمى! وقد لفت نظرى إلى ذلك الارتباط، عبارةٌ عابرة ساقها يوسابيوس القيصرى، فى معرض كلامه عن أهل البدع والهرطقة، قال: ولأنهم من الأرض؛ ومن الأرض يتكلمون؛ ولأنهم يجهلون الآتى من فوق، فقد تركوا كتابات الله المقدسة، ليتفرغوا لعلم الهندسة(مقاييس الأرض) فبعضهم أجهد نفسه ليقيس أُقليدس(كتاب الجغرافيا) والبعض أُعجب بأرسطو الفيلسوف وتلميذه ثيوفراستوس، بل لعل البعض قد عبد جالينوس (الطبيب) فإن كان الذين يستعينون بفنون غير المؤمنين فى آرائهم الهرطوقية، وفى تحريف بساطة الإيمان بالأسفار الإلهية، قد ابتعدوا عن الإيمان، فماذا يلزمنا أن نقول؟ وقد وضعوا أيديهم بجرأةٍ على الأسفار الإلهية، زاعمين بأنهم قد صحَّحوها. (يوسابيوس: تاريخ الكنيسة، ص 242)”
“من ألوف السنين. تلك هى إجابة أمى، كلما سألتها عن أصل شىء.. متى يا أمى كانت البرابى المجاورة عامرة؟ من ألوف السنين.. متى التصقت بيوت الكفر، بجدار البرابى؟ من ألوف السنين.. متى صنعوا بوابة الكفر المتهالكة؟ متى صارت البلدة البيضاء بيضاء؟ متى صار الكفار كفارا؟ متى جاء النهر ليمر قرب بيوتنا؟ متى اختلفت النساء عن الرجال؟ متى وفد العرب من صحرائهم إلى ساحة السوق؟.. كل ذلك عند أمى، كان من ألوف السنين.”
“صحوتُ اليوم من نومٍ مليءٍ بالأحلام ، كأنها الواقع .. أم تُرى واقعي هو الذي تهافت وبهت حتى صار أحلامًا ؟”
“للصلاة فعلٌ كالسِّحر. فهي مَراحٌ للأرواحِ ومُستراح للقلبِ المحزون،وكذلك القدَّاسات التي تغسلنا من همومنا كلها، بأن تلقيها عن كاهلنا إلى بساط الرحمة الربانية، فنرتاح إلى حين. ثم يعاودنا إليها الحنين ما دمنا مؤمنين بالرب، فإنْ خرجنا عن حظيرة الإيمان انفردنا، وصرنا فريسة تمزقها مخالب القلق وأنياب الأفكار.”