“إذا إذن الكاتب لنفسه أن يتحدث إلى الناس أو وجد في نفسه الشجاعة لذلك فمن الحق عليه لآرائه التي يذيعها و خواطره التي يقيدها .. أن تصل هذه الآراء و الخواطر إلى أضخم عدد ممكن من القراء لا في الوقت الذي تكتب فيه فحسب بل فيه و فيما يليه من الأوقات”
“إنني أشد الناس رثاء للكتاب و الشعراء و الأدباء و أصحاب الفن الجميل عامة .. فحظوظهم سيئة في حياتهم وقلما ينصفهم التاريخ بعد مماتهم فهم يثيرون في نفوس الأحياء أنواعا من الحقد و ضروبا من الضغينة .. هذا ينفس عليهم لأنه لم يوفق إلى حظهم من الإجادة و لم يظفر بمثل ما ظفروا به من إعجاب الناس و كان خليقا أو كان يجد في نفسه خليقا بالإجادة و الإعجاب . و هذا يتنكر لهم لأن الحسد قد ركب في طبعه و لأن غريزته قد فطرت على الشر و حب الأذى . و هذا يتنقصهم لأنه لم يفهمهم أو لم يذقهم و لأن فنهم لم يقع من قلبه موقع الرضىو لم ينزل من نفسه منزل الموافقة.”
“ هذا الحب الذي اختصمنا فيه وقتاً طويلاً و سكتنا عنه وقتاً طويلاَ، و لكنه لم يسكت عنا فما أظنه قد أمهلك يوماً كما أنه لم يمهلني ساعة. أم ينبغي أن تنتهي هذه الحياة الغامضة إلى ما يجب لها من الصراحة و الوضوح؟" المهندس”
“ بل أصبحت عاجزة كل العجز عن أن تخلو إلى نفسها في يقظة أو نوم، إنما هي مستصحبة هذا الشاب إن حضر و مستصحبة هذا الشاب إن غاب. لا تهم بالخلوة إلى ضميرها حتى تجد صورته ماثلة فيه، ولا تمد عينها إلا رات شخصه”
“ما ينبغي أن تُبغض إلى البائس بؤسه ولا أن تُكره إليه شقاءه، وإنما ينبغي أن تحبب إليه البؤس، ليتحمله وليزيد منه إن استطاع، وأن تزين في قلبه الشقاء، ليصبر عليه ويمعن فيه إن وجد إلى الإمعان فيه سبيلا؛ فالبؤس قضاء محتوم على البائسين، كما أن النعيم قضاء محتوم على المنعَّمين؛ والشقاء قدر مقدور على الأشقياء، كما أن السعادة قدر مقدور على السعداء.والرجل الحازم العازم الحكيم خليق أن يرضى بالقضاء المكتوب، والقدر المحتوم، يحتمل الخير غير زاهد فيه، ويحتمل الشر غير ساخط عليه؛ ولأمر ما وُصِفَ الشرقيون بأنهم أصحاب إذعان للقضاء، واستسلام للقدر، ورضا بالمكروه فلنصدق على أقل تقدير قول الغرب عنا وظنه بنا ورأيه فينا، ليصطنع المترفون الشجاعة ليحتملوا الترف، وليصطنع البائسون الشجاعة ليحتملوا البؤس، وليصبر أصحاب الثراء على محنتهم بالثراء، وأصحاب الحرمان على فتنتهم بالحرمان، حتى ينتهي أولئك وهؤلاء إلى الموطن الذي لا يكون فيه ثراء ولا حرمان، والذي لا يكون فيه فقر ولا غنى، والذي لا يكون فيه يسر ولا عسر، والذي تتحقق فيه المساواة بين الناس جميعا حين يصيرون إلى تراب كما خلقوا من تراب.”
“من العسير جدا أن يخلص المؤرخ و مؤرخ الأدب بنوع خاص من عواطفه و شهواته و من ميوله و أهوائه و من ذوقه في الأدب و الفن حين يدرس الشعراء و الكتاب أو يوازن بينهم أو يحكم عليهم”
“و قد تسألين كيف ارتقت به هذه العظمة الكاذبة من درجة الى درجة، و من مكانة الى مكانة، و لكني أرجو أن تكوني أقل سذاجة من هذا يا سيدتي، فليس ينبغي أن تسألي عن الضعفاء و العاجزين كيف يرتفعون فذلك ملائم لطبيعة الاشياء، و انما يجب أن تسألي عن الأكفاء كيف يثبتون في مواضعهم و كيف يتاح لبعضهم أن يرقى إلى شئ من امتياز المنصب و ارتفاع المكانة فذلك هو المخالف للطبيعة، المباين لمنطق الدنياكما يقول أديب من أصدقائنا”