“لا أعرف كالفجر شيئاً يبعث في نفسي الراحة! الصفاء ضارب أطنابه، والدنيا طيّبة الأعراف، تستقبل صحيفة بكراً لم يُسوّدها بعد سطر من الشرور.. ثم يبعث فيها مع ذلك نوع من الرهبة، لجلال لحظة انهزام ليل كان يمكن أن يكون سرمديّاً أمام صبح جديد يزحف جيشه اللجب بأبّهة وخيلاء، معقود على لوائه النصر، تنتظر أذنك أن تسمع نداء بوق سحري جبار يعلن مقدمه.”
“حرمت أن تعيش معي امرأة من بعد اليوم الذي بحثت فيه عن الأوراق التي كتبتُ عليها مطلع قصة "تاييس"، لم أجدها في مكانها على مكتبي، قلبت البيت رأسًا على عقب ونبشت في كل مخبأ فلم أعثر عليها، حتى تملكني اليأس وأيقنتُ أن جهدي السابق قد ضاع كله؛ لأنني أكره أن أكتبها من جديد. ثم إذا بي بعد يومين أدخل على المطبخ ولا أدري لماذا، فوجدتُ الفصل الأول موضوعًا تحت قعر حلة، ومبدأ الفصل الثاني ملفوفًا على هيئة سدادة لزجاجة خل! فلا تتزوج أبدًا يا حبيبي، فقلما يسعد امرؤ بالزواج لاسيما من كان منتسبًا إلى حرفة الأدب.”
“وخير للأمة ألف مرة أن تكون عقيماً في الفن القصصي، من أن يكون لها كثرة من الأولاد ليس بجانبهم ناقد واحد”
“هذا هو الفنار المتمنطق و هذا هو الشاطىء الأصفر يكاد يكون في مستوى الماء انت يا مصر راحة ممدودة الى البحر لا تفخر الا بانبساطها. ليس امامك حواجز من شعاب خائنة, و لا على شاطئك جبال تصد, انت دار كل ما فيها يوحي بالأمان”
“إن في مظاهر الدولة المصرية متناقضات كثيرة. والجيش المصري كافة من جنود وضباط لا عمل له، لأن الغرض من الجيش الحرب، وحيث إننا لن نحارب أحداً، فلا لزوم للجيش، ولا يبقى بعد ذلك مبرر لوجودهم وصرف مرتباتهم الطائلة وأكلهم مجاناً من خزينة الدولة، ولذلك فإنه يجب تشغيلهم في الأرض البور.”
“ولكن وقع اليقظة على بعض النفوس يجيء أحيانا كوقع المفاجأة وليس أشق على نفس الذي ألف الاستعباد من أن توهب له الحرية فجأة أو تلقى على كتفيه لأول مرة مسئولية تدبير أموره، ويقال له أنت سيد نفسك، دافع عن حقك، وقم بواجبك، إنه كان يطالب بهذه الحقوق، يؤمن أن كل بلائه راجع لحرمانه منها، ويقول أنها لو ردت إليه لتغير حاله في غمضة طرف، من الظلام إلى النور، فإذا واجه النور حين يعم غشيت عيناه.”
“أما أنك تلقي بنفسك في أحضان من يحتقرك وتتزيا بزيه، وتعتاد عاداته، فهذا غاية امله ومنتهى فخره، وتحقيق انتصاره، وليس يمت هذا المسلك للرجولية والشهامة بسبب، وإنما الحل الوحيد أن يثق الشرقيون بأنفسهم وبمزايا المدنيات التي يرثونها، وفضائل مختلف الديانات التي نشأت في شرقهم على اختلاف مللها ونحلها، ولعل فقدان ثقتهم في أنفسهم هو وحده الذي شجع الغربيين على أن يطعنوا كرامتنا المرة في وسط بلادنا (أعلنت إحدى دور السينما في الإسكندرية أخيراً أنها لا تسمح بالدخول إلا للابسي القبعات حفظاً لكرامة زبنائها) ومن الكلام المعاد الحض على الإقبال في الوقت نفسه على الأخذ بأسباب العلوم والفنون ودراستها، ولا يعيب مسلكنا أن ننقل عن أوربا؛ لأن العلم شائع للبشر ويكفينا أننا ننبذ التقاليد التي تعمل على هدم الإنسانية وتمجيد الآلة الصماء.وإذا آمن الشرقيون برقيهم سهل عليهم تعرف الحل الصواب في مشاكل عديدة تتضارب الأجوبة عليها كالزواج المختلط وتعليم أولادنا في منشآت أجنبية تؤسس في بلدنا وتنسى رسالتها العلمية وتعمل على هدم تقاليدنا. والحكم على حركات الدول الشرقية التي تطلق الشرق وترتمي في أحضان الغرب بروحها قبل جسدها.لذلك أدعو الشبان جميعاً أن يزنوا هذه الحقائق وأن يفهموا معنى الرابطة الشرقية بأنها الدفاع عن كرامتنا، فلعل هذا الفهم مما يقلل من ريبتهم نحوها وازورارهم عنها، وليعلموا أن رجولتهم لن تكمل إلا إذا اعتنقوا مبادئها.”