“ليس اثقل على الانسان من حمل الحرية ، و ليس اسعد منه حين يخف عنه محملها وينقاد طائعا لمن يسلبه الحرية و يوهمه فى الوقت نفسه انه قد اطلقها له و فوض اليه اللامر فى اعتقاده و عمله ، فلماذا تسوم الانسنا من جديد ان يفتح عينيه و ان يتطلع الى المعرفة و ان يختار لنفسه ما يشاء ، و هو لا يعلم ما يشاء ؟!!”
“كم من رئيس مغمول لما فى نفسه من الضعف و الخمول, لا ينصر اعتقاده, و ان كان معترفا بأن فيه رشاده, و فى عزته عزه و إسعاده..و كن من مرءوس شديد العزيمة, قوى الشكيمة يكون له فى نصر ملته, و المدافعة عن أمته, ما يعجر عن الرؤساء, و لا يأتى على أيدى الأمراء”
“و زد على ذلك اكبر بدعة عرضت على نفوس المسلمين و هد بدعة الياس من انفسهم و من دينهم, و ظنهم ان فساد العامة لا دواء له, و ان ما نزل بهم من ضر لا كاشف له, و انه لا يمر عليهم يوم الا و الثانى شر منه. مرض سرى فى انفسهم و علة تمكنت من قلوبهم, لتركهم المقطوع به من كتاب ربهم و سنة نبيهم, و تعلقهم بما لم يصح من الاخبار او خطئهم فى فهم ما صح منها, و تلك علة من اشد العلل فتكا بالأرواح و العقول و كفى فى شناعتها قول جل شانه(إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ (إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ”
“يبدو ان الانسان مدرسة لنفسه لو انه كاشفها و صارحها وخلا بها بعيدا عن عيون الناس وصبر عليها لفجر من منابع الخير فيها و جفف من منابع الشر و العدوان ما لا تصل اليه عيون الرقباء”
“احسنتم يا اهل اثينا !! الحكم لكم و لا تخشوا شيئا! فما دام قد استطاع ان يقع فى ايدى الحمقى من امثال (بلبروس) فما يضيركم ان يكون فى ايديكم ايضا... انكم لن تكونوا اكثر حمقا منه ،و قد يأتى حكمكم بالاعاجيب و قد لا يأتى بشئ جديد ، إن الحكم ليس سهلا انه اعقد مشكلة ، جربوا على كل حال فلنجرب هذا ايضا ... قد لاتحلون مشكلة الحكم نهائيا لكن يكفي هنا ان الحكم فى ايدى اصحابه يكفى انكم تفعلون بانفسكم ما تريدون”
“- ما لى أنا و للأمة التى تتحدث عنها؟!- انك تحاول حرمانها الزعيم الذى طالت لهفتها عليه و تاقت لرؤياه.- لا عليك.. دعها و شأنها.. الزعماء بها كثيرون.- كثيرون أيها الأحمق؟! ان هذا زعيم حقاً.- زعيم حقاً.. ماذا تعنى؟- ماذا أعنى؟.. لقد سبق أن قلت ماذا أعنى.. انى أعنى أنه زعيم ولد لكى يكون زعيماً.. صنعته فى الحياة هكذا.. خلق لإنقاذ هذه الأمة.. انه ألزم شىء إلى هذا الشعب فى هذا الوقت.. انه الشىء الذى يفتقده الشعب.. فلا يجده.. هل عرفت ماذا أعنى بالزعيم؟- تكلم.. تكلم.. الظاهر أنك تعنى شيئاً آخر يختلف تمام الإختلاف عما طبع فى ذهنى.. قل ماذا تعنى بالزعيم أيضاً؟!- الزعيم الذى لا يريد أن يكون زعيماً.. و لا يأبه أبداً أن يقول الناس عنه زعيم.. انه يؤمن بأن له رسالة يؤديها.. و هدفاً يقصد اليه.. و أغراضاً يسعى لتحقيقها.. و قد أهله الله لتأدية الرسالة.. و هيأه للوصول الى الهدف.. و لتحقيق الأغراض، لقد وهب له من المواهب ما يجعله يؤدى رسالته بيسر و اخلاص.. و يشعر من قرارة نفسه.. و من طريقة خلقه.. ان ذلك هو عمله، يؤديه بلا تكلف و بمهارة و ثقة و بلا اعوجاج أو خلط.. كالموسيقى الموهوب أو الشاعر الملهم لا جهد فى عملهما و لا مشقة و تكلف.. بل يفعل عمله و هو يشعر أنهه لا يستطيع أن يفعل سواه.. أفهمت؟من رواية " البحث عن جسد”