“وإذا اسُتعبدت أمة ففي يدها مفتاح قيدها مادمت محتفظة..بدينها ولغـــــــتها”
“عودوا إلى آداب الإسلام ففي الإسلام الخير والعدل والحق والنصر والمجد”
“اكفروا بالغرب وعودوا بوجوهكم إلى الشرق، عودوا إلى سلائق العرب، ففي العرب الوفاء والفضيلة والنجدة والإباء والشرف”
“القضاء هو مقياس الخير في الأمم، وهو معيار العظمة فيها، وهو رأس مفاخر كل أمة حية وراشدة.”
“لقد علمنا ديننا أن نستوهب الحياة بطلب الموت، و حبب إلينا نبينا الشهادة. نلحقها إذا هربت منا، و نفتش عنها إذا ضلت عنا. فبماذا تخيفون أمة تريد الموت؟”
“الأماكن أوعية الحوادث وظروف التاريخ, وماالتاريخ إلا زمان ومكان ورجال, وقد مرّ الزمان فلا يعُود, وذهب الرجال ولا يرجعون ولم يبق إلا المكان, فهو جسم التاريخ، وإذا نحن رأينا ( وأرينا تلاميذنا ) الساحة التي جرت فيها المعركة والدار التي عاش فيها العظيم , والقلعة التي افتتحها القائد فقد رجعنا الى التاريخ وعشنا فيه, وإذا لم نستطع زيارة المكان فلا أقلّ من أن تكون له اليوم صورة فنرى الصورة، وأن يكون له وصف فنقرأ الوصف.”
“من كتاب قصص من التاريخ للشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله ، وأصلها التاريخي في الصفحة 411 من فتوح البلدان للبلاذري ، طبعة مصر سنة 1932 م . في عهد الخليفة الصالح "عمر بن عبد العزيز" ، أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه بعد دخول الجيش الإسلامي لأراضيهم دون إنذار أو دعوة ، فكتب مع رسولهم للقاضي أن احكم بينهم ، فكانت هذه القصة التي تعتبر من الأساطير. وعند حضور اطراف الدعوى لدى القاضى ، كانت هذه الصورة للمحكمة: صاح الغلام : يا قتيبة بلا لقب فجاء قتيبة ، وجلس هو وكبير الكهنة السمرقندي أمام القاضي جميعا ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي ؟ قال السمرقندي: اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم يدعُـنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا .. التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة ؟ قال قتيبة : الحرب خدعة ، وهذا بلد عظيم ، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ، ولم يقبلوا بالجزية .. قال القاضي : يا قتيبة ، هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟ قال قتيبة : لا ، إنما باغتناهم لما ذكرت لك .. قال القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ؛ يا قتيبة ما نـَصَرَ الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل. ثم قال القاضي : قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا يبقى في سمرقند أحد ، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه ، فلا شهود ولا أدلة ، ولم تدم المحاكمة إلا دقائقَ معدودة ، ولم يشعروا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم. وبعد ساعات قليلة ، سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو ، وأصوات ترتفع ، وغبار يعم الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار ، فسألوا ، فقيل لهم : إنَّ الحكم قد نُفِذَ وأنَّ الجيش قد انسحب ، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به. وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم ، إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية ، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم ، ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر ، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله. فيا الله ما أعظمها من قصة ، وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق ، أرأيتم جيشاً يفتح مدينة ، ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة ، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج ؟ والله لا نعلم شبها لهذا الموقف لأمة من الأمم .”