“يتلخص موقف السادة رضى الله عنهم في أنه إذا احتملت العبارة التأويل أولناها ،فإذا لم يتيسر لنا بحثنا، فلعلها من المدسوس أو الدخيل، الذي لم يسلم منه علم إسلامي، ولا كتاب للسلف،فإذا لم نصل إلى حكم توقفنا و فوضنا، و ذكرنا – بحسن الظن- أنهم اجتهدوا، و أنهم بشر، يجري عليهم الخطأ والصواب، فاستغفرنا لهم ولا بأس من التنبيه إلى ذلك بشروطه، من باب النصيحة الواجبة”
“لا يمكنني التصديق أن الذين غيروا شيئاً في كيان هذا الكوكب و أهله أجمعين , أو على الأقل في أمةٍ من الأمم الكبرى , أنهم فعلوا ذلك بمحض الصدفة و الأقدر , ولا أصدق أنهم لم يكونوا يطمحون إلى ما سيفعلونه و إلى ما بلغوه , مذ كانت تغفو أعينهم و هم في حجور أمهاتهم , فيرون شيئاً ما ..”
“و لكن محمدا, صلى الله عليه و سلم, لم يبعث لينسخ باطلا بباطل, و يبدل عدوانا بعدوان, و يحرم شيئا في مكان و يحله في مكان آخر, ويبدل أثرة أمة بأثرة أمة أخرى, لم يبعث زعيما وطنيا أو قائدا سياسيا, يجر النار إلى قرصه و يصغي الإناء إلى شقه, و يخرج الناس من حكم الفرس و الرومان إلى حكم عدنان و قحطان.”
“إنني أشد الناس رثاء للكتاب و الشعراء و الأدباء و أصحاب الفن الجميل عامة .. فحظوظهم سيئة في حياتهم وقلما ينصفهم التاريخ بعد مماتهم فهم يثيرون في نفوس الأحياء أنواعا من الحقد و ضروبا من الضغينة .. هذا ينفس عليهم لأنه لم يوفق إلى حظهم من الإجادة و لم يظفر بمثل ما ظفروا به من إعجاب الناس و كان خليقا أو كان يجد في نفسه خليقا بالإجادة و الإعجاب . و هذا يتنكر لهم لأن الحسد قد ركب في طبعه و لأن غريزته قد فطرت على الشر و حب الأذى . و هذا يتنقصهم لأنه لم يفهمهم أو لم يذقهم و لأن فنهم لم يقع من قلبه موقع الرضىو لم ينزل من نفسه منزل الموافقة.”
“أكمل الله لنا ديننا و لكنه لم يكمّل البشر و لم يقفل عليهم باب الاجتهاد. إن هناك فرقا بين الإسلام و المسلمين، كما أن هناك فرقا بين الدين و الحضارة. سلبيات الثاني لا تنعكس على الاول، تذكر ذلك و انزع عنك العاطفة إذا أردت أن تفهم و تصل إلى الحقيقة”
“يدهشني ذلك النوع من البشر الذي يحس بسعادة طاغية ولا توصف لمجرد أنهم لم يموتوا في الليلة الماضية !”