“في الحكاية هناك سكتان، واحدة للسلامة و الأخري للندامة، و الغولة التي يتوجب علي الشطار تجاوزها بالحيلة و المراوغة. لا أدري ما الذي أريده أصلا لكي أختار سكة من بين السكك. تعددت المراجع و تشابكت الخيوط و بدا أنها تزداد كل يوم تعقدا و أنا بعد لا أعي محتوي للسلامة و لا للندامة.”
“في كل ذهن تسبح الأفكار و تبقي نتف, بين الفكرة الأولي و بين الفكرة الأخري هناك الكثير لكي يكتشف,و من هذه الكلمات شعرت أن روحي التي كانت تشبه كتلا متراصة, صارت غربالا انفتحت فراغات بين كل فكرة و أخري, و كأن ذهني صار جزرا صغيرة متباعدة في محيط أزرق مشمس, بين الجزيرة و الأخري معارف لا نهائية غير مكتشفة,و شعرت أن كل ما أعرفه لا شئ, مقارنة بما يمكن أن أعرفه.”
“و النجوم عند ذاك تخفق ومضاتها فوق رأسينا كأنها دفوف عرس كوني , و ما أن التقت بين عيوننا ومضة خفاقة حتي اتحدنا في عناق اعتصر من قلبينا كل المرارات و ذوبها في رحيق من هناء فاضت نعمته علي كل ما حولنا من وجود , و من بعد ذلك العناق ما عادت هي ضائعة في الدنيا و لا عدت أنا جزيرة مستوحدة تعول في وحشتها زوابع اليأس و لا يبلغ أسنة الصخور في شاطئها الوعر شراع...و الدنيا سلام و الطريق طويل.”
“فأما من يتوفى فهو صائر إلى نهاية كل حي. و أما من يرد إلى أرذل العمر فهو صفحة مفتوحة للتدبر ما تزال. فبعد العلم، و بعد الرشد، و بعد الوعي، و بعد الاكتمال.. إذا هو يرتد طفلاً. طفلاً في عواطفه و انفعالاته. طفلاً في وعيه و معلوماته. طفلاً في تقديره و تدبيره. طفلاً أقل شيء يرضيه و أقل شيء يبكيه. طفلاً في حافظته فلا تمسك شيئاً، و في ذاكرته فلا تستحضر شيئاً. طفلاً في أخذه الأحداث و التجارب فرادى لا يربط بينها رابط و لا تؤدي في حسه و وعيه إلى نتيجة، لأنه ينسى أولها قبل أن يأتي على آخرها: (لكي لا يعلم من بعد علم شيئاً) و لكي يفلت من عقله و وعيه ذلك العلم الذي ربما تخايل به و تطاول، و جادل في الله و صفاته بالباطل!”
“اكتشفت أخيرا اننى لا أريد أن أحقق شيئا بالذات. و انما كل ما أحققه سيكون بالصدفة. على الماشى. فى لحظة استراحة و أنا أتفرج. كل ما أريده من الحياة أن أتفرج عليها و أن أقارن بين ما أتخيله عنها و ما يبدو منها حقيقيا.”
“ماذا عني و أنا أعلم أني لا اكذب و لا أنافق لكنني أركض و كأنني في صراع مع عمري الذي أشعر أنه يسرق من بين يدي..؟؟!!”