“كانت الحياة وحيدة، دون اسم ولا ذاكرة. كانت لها أيادٍ، لكن لا أحد لتلمسه. وكان لها لسان، لكن لا أحد لتتحدث معه. كانت الحياة واحد. وكان الواحد لا أحد.ثم ظهرت الرغبة وسَرَت في ظهر الحياة. قَسَم سَهْم الرغبة الحياة في وسطها، فانشطرت إلى نصفين.لمّا أبصر كل نصف النصف الآخر، ضحكا معًا. ولمّا تلامسا ضحكا معًا مجدّدًا.”
“الرحلة:أوريول فال الذي يتولى العناية بحديثي الولادة في أحد مستشفيات برشلونة، يقول إن أول حركة للكائن البشري هي العناق. فبعد الخروج إلى الدنيا، في بدء أيامهم، يحرك حديثو الولادة أيديهم، كما لو أنهم يبحثون عن أحد.أطباء آخرون، ممن يتولون رعاية أناس عاشوا طويلاً، يقولون إن المسنين، في آخر أيامهم، يموتون وهم يرغبون في رفع أذرعهم.هكذا هو الأمر، مهما قلّبنا المسألة، ومهما وضعنا لها من كلمات. ففي هذا، ببساطة، يُختزل كل شيء: بين خفقتين بالأذرع، دون مزيد من التفسيرات، تنقضي رحلة الحياة.”
“- مؤشرات -ليس معروفاً إذا ما حدث ذلك قبل قرون أم منذ لحظه, أم أنه لم يحدث قط.في موعد الذهاب إلى العمل, اكتشف أحد الحطابين أنه يفتقد فأسه. راقب جاره, و تأكد أن له المظهر التقليدي لسارق الفؤوس: النظره, الحركات, طريقة الكلام..بعد بضعة أيام عثر الحطاب على فأسه, و كانت قد سقطت منه هناك. و عندئذ عاد يتفحص جاره, تأكد من أنه لا يشبه لص الفؤوس في أي شيئ, لا يشبهه في النظره و لا في الحركات, و لا في طريقة الكلام...!؟”
“فمن ولد ليُنظر له, لا ينظر إلى أحد”
“نافذة على رجل ناجح :لا يستطيع أن ينظر إلى القمر دون أن يقيس المسافة / لا يستطيع أن ينظر إلى شجرة دون أن يفكر بالحطب /لا يستطيع أن ينظر إلى لوحة دون أن يحسب السعر / لا يستطيع أن ينظر إلى امرأة دون أن يحسب حساب المجازفة”
“حين يكون الصوت الإنساني حقيقياً ، حين يولد من الحاجة إلى الكلام لا أحد يستطيع أن يوقفة ، حين يمنع عنه الفم ، يتحدث بالأيدي و الأعين بالمسام أو بأي شيء آخر ، لأن كل واحد منا لديه شيء يقوله للآخرين ، شيء يستحق أن يحتفي به الآخرون أو يصفحوا عنه.”
“.. في وسط ساحة ثكنة عسكرية مقعد صغير يحرسه جندي، لم يعرف أحد لماذا كان ينبغي أن يحرس المقعد. كان المقعد يحرس على مدار الساعة، ومن جيل ضابط الى آخر كان الأمر يصدر و الجنود ينفذونه. لم يعبر أحد عن أية شكوك أو يسال لماذا. وهكذا استمر الأمر الى أن اراد شخص ما، جنرال أو كولونيل، أن يعرف سبب الأمر الأصلي. كان عليه أن يقلب في الملفات. وبعد وقت طويل من البحث عثر على الجواب: منذ واحد و ثلاثين عاما وشهرين و أربعة أيام، أمر ضابط حارسا ان يقف قرب المقعد الذي كان قد دهن لتوه، لكي لا يفكر أحد بالجلوس على الدهان الطري.”