“عام 361م ثار الاسكندرانيون ضد أسقف مدينتهم جورجيوس الكبادوكى، الذى أرسلته العاصمة الإمبراطورية، ليكون أسقفاً للإسكندرية ومصر. ثاروا عليه واعترضوه فى واحد من شوارع الإسكندرية، فقتلوه فى وضح النهار وقطعوا جثته بالسواطير؛ لأنهم رأوا أن هذا الأسقف يميل إلى الأفكار الآريوسية.”
“إن الأوامر التى يصدرها أشخاص فقدوا قوة العمل فى النور قلما تخضع لتمحيص المنطق وتحقيق الشورى.. حتى بعد أن تواتيهم السلطة ويقيموا حكما يرعى أمور الناس فى وضح النهار.. وهكذا ينتقل مبدأ تقديس الزعامة من صفوف المعارضة إلى صفوف الحكم نفسه، والإسلام برىء من هذا كله.”
“فى عام 1484 أصدر البابا أنوسنت الثالث مرسوماً ضد السحر وعين اثنين من المحققين فى محاكم التفتيش لمعاقبة ممارسته. وفى عام 1489 نشر هذان المحققان باللاتينية كتاباً ثقة تحت عنوان "مطرقة النساء الشهيرات" وذهب الرجلان فى كتابهما إلى أن ممارسة السحر أقرب إلى طبيعة النساء منها إلى طبيعة الرجال نظراً لما للنساء من قلوب مليئة بالشر الكامن فيها. وكانت أكثر التهم ضد الساحرات شيوعاً آنذاك أنهن يتسببن فى سوء الأحوال الجوية.”
“إذا بات قدر الكاتب الذى يعلن إنتمائه الاسلامى و يصر أن يخوض بدينه معركة التقدم , أن يواجه فى مسيرته ثلاث معارك فى آن واحد . أولها ضد الناقدين للإسلام , و ثانيها ضد المتربصين بالعاملين فى ميدان الدعوة , و الثالثة مع فصائل المتدينين انفسهم”
“أغلب الظن أن الذى دفع الأصوليين إلى اصدار هذه الكتيبات مردود إلى عاملين: عامل موضوعى وعامل ذاتى. العامل الموضوعى متمثل فى بزوغ «الحداثة» المتمركزة فى العقلانية والتنوير والثورة الصناعية، وفى نشأة علم الاجتماع الذى كان سائرا فى اتجاه إشاعة العلمانية، وفى بزوغ الليبرالية التى دعت إلى أن سلطان الفرد فوق سلطان المجتمع، وبالتالى فوق كل ما يفرزه المجتمع من سلطات وفى مقدمتها السلطة الدينية. أما العامل الذاتى فمردود إلى محاضرة ألقاها تشارلس اليوت الذى كان رئيسا لجامعة هارفارد فى عام 1869، وكان عنوانها «مستقبل الدين». وقد أحدثت هذه المحاضرة هلعاً فى صفوف الأصوليين. وسبب هذا الهلع مردود إلى مسألتين: المسألة الأولى خاصة بمفهوم الدين، والمسألة الثانية خاصة بمفهوم رجل الدين.”
“لا ناقد حقيقياً إلا وهو يعى أن عليه مساءلة نفسه فى الوقت الذى يضع موضوعه موضع المساءلة، فهذا أول الطريق إلى الموضوعية التى ننشدها فى العلوم الإنسانية.”